للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي اشتراط الردة الباطنية لإحباط العمل والدلالة عليها بطريق العبارة فتح باب العفو لمن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان،فهو مما أكره على ارتداد ظاهري لم يجمع إليه ارتدادا باطنيا.

أما آية (المائدة) فقد كانت في سياق النهي عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء (الآية:٥١) وعدم الصبر على البلاء (الآية: ٥٢) فجاءت الآية (٥٤) مشيرة إلى أنَّ الله - عز وجل - قد يعاقب على الارتداد الباطني المشار إليه برواية (الإدغام) والارتداد الظاهري المشار إليه برواية (الإظهار) بالإتيان بقوم يحبهم ويحبونه، وهذا فيه من التهديد العظيم ما تنخلعُ له قلوب الفاقهين.

ولو أن الرواية جاءت بوجه واحد من وجوه الأداء لكان في هذا أخلالٌ بشروط العقوبة: تحقيق الارتداد بأحد وجهين، فليست العقوبة متوقفة على اجتماع الشرطين معا في وقت واحد بل تحقيق أحدهما قد يترتب عليه العقاب: الإتيان بقوم يحبهم ويحبونه

وثَمَّ إشارة أخرى: الإدغام هنا مشير إلى أنَّ الصبر الذي لم يحرص عليه من تحدثت عنه الآية (٥٢) إنّما هو أرفع درجة من الارتداد الظاهري باللسان.

علينا ملاحظة الفرق بين جواب الشرط في (البقرة) وجوابه في (المائدة) : في (البقرة) حبوط عمل وذلك قاتلٌ مُبِيرٌ، وفي (المائدة) تبدل وإحلال قوم مكان قوم، وهو وإن كان عند اهل العرفان عظيم إلا أنه من دون إحباط العمل، فكان المشير إلى شرط جواب الشرط في (المائدة) بطريق الأداء، وهي دلالة فيها شيء من خفاء لايفقهها كثير من الناس، وكان المشير إلى الشرط الرئيس لتحقق الجواب بطريق العبارة الصريحة.

وهذا فيه من ضروب التناسب ما فيه.

هذا ماكان "البقاعي" فانظر في صحبته ما قال شيخه "ابن الجزري " في النشرمعللا فك الادغام اتفاقا في البقرة بقوله:..

<<  <   >  >>