للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُعنى بما يَعْتَري الكلمة القرآنية من التحوُّل الدَِّلالىّ من موروثها الاشتقاقي والتركيبي إلى ما تكتسبه من السياق الذي تقوم على لاحبه في السورة،وهذا المعلم من معالم منهاجه في تأويل بلاغة القرآن الكريم معلم وسيع لا يحيط به بحثٌ مُفرد من وفير ما جاء عنه فيه.

مادة الكلمة هي الحروف الأصلية التى تتكون منها الكلمة وتشترك فيها مع أقرانها وشقائقها، وهذه الحروف الأصلية تحمل في نفسها وفي طريقة ترتيبها ما تدلّ به على معنى من المعانى، ولعلماء العربية عناية بالغة بهذا، والنظريات اللغوية في هذا المجال متسعة عميقة ذاتُ دقائقَ ولطائفَ، وقد كان لـ"ابن جنىّ" و"ابن فارس" وآخرين فضل لايتوارى في هذا المجال.

والمراد بمدلول المادة ما ترثه الكلمة من أصولها التى كونتها، تحملُ هذا الميراث معها في مواقعها مازجة بعض المدلولات التى تكتسبها من روافد أخرى بها كمدلولات صورتها أومدلولات أدائها.

والكلمة في بيان العربية كالفرد في عالم الإنسان يحمل من أصول نسبه وجرثومته فيضًا من السمات والخصائص التي لايتخلى عنها ما بقيت الحياة في قيده أو بقيي هو في قيدها، ثُمّ تتنوع أفاعيله وما يمنح وما يمنع، وما يظهر وما يبطن وفقًا لما يرمي إليه ويؤم، وما يقوم فيه أويقام، فهو بليغ في فعله نازل على مقتضى أحواله وسياقات وجوده على تنوعها وتعددها كمثله الكلمة في بيان العربية بليغة بما تنزل عليه من مقتضيات الأحوال على تنوعها وتعددها، والسياقات على امتدادها وبعدها وقربها

إنّ عالم البيان في لسان العربية من عالم الإنسان في الجزيرة العربية يوم أن كانت عربية

ورحم الله زمانًا كان شربُه العزّة وطعامُه المنعة والنجدة لكلّ مستصرخ، ولباسه المجدُ المؤثلُ المصُونُ المُعَلّى

***..

<<  <   >  >>