للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهج البقاعيّ قائم على استبصار معالم تناسب القرآن الكريم في كلماته وجمله وآياته ومعاقده وسوره، وهذا التناسب أساسه تحقق معنى جامع للمتناسبات، واستبصار هذا المعنى هوالمفتاح الذي يحقق للبقاعيّ ما يصبو إليه , ذلك ما يبدو لمن يتابع التبصر في صنيعه.

وليس من شك في أنَّه لن يكون بمَُِلكى أن أُحيط بنَزيرٍ مما عُنِىَ به "البقاعيّ" في شأن تناسب مادة الكلمة مع السياق مدلولا ودلالة، غير أنِّى مجتهد في أنْ أقفَ عند ما يرسم منهجه ويكشف معالم حركته وما انتهى إليه في هذا.

- - -

لله السماء الحسنى، ولكل اسمٍ منها مدلوله ودلالته، ولكلّ منها موقعه الذي هو به أخصّ، وفقه البيان باسم من أسمائه الحسنى ومناسبة اصطفائه في سياقه من الفقه العَلِىّ، وكانت للبقاعيّ عناية بذلك.

من أسمائه الحسنى التي لم يتكرر ذكره في القرآن الكريم (البارئ) وقد يظن أنّه مرادف لاسمه (الخالق) أو (الفاطر) الذي تكرر ذكركُلٍّ في القرآن الكريم، بينا اسمه (الباري) لم يأت إلا في آيتين:

الأولى جاءت في موطن تعداد بعض أسمائه في آخر سُورة (الحشر) ، والأخرى في سورة (البقرة- ي:٥٤)

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بَارِئِكُمْ فَقْتُلوا أنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ)

ليس يخفى أن أصل المعنى في كلمة (خالق) إنما هو التقدير، بينما أصل المعنى في كلمة (بارئ) هو البراءة من النقص في الإيجاد والتقدير، ومزيد الامتنان يظهر في البيان بقوله (بارئ) ، فإذا ما كان السياق للتذكير بمزيد الفضل إغراءً بحسن الإقبال، فإنّ البيان باسمه (البارئ) أعظم تناسبًا مع السياق. يقول "البقاعيّ":..

<<  <   >  >>