للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا حث للناس على أن يستشرفوا إلى مقامات الفيض الأقدس، وأن يقيموا أنفسهم في مقامات التعرض لنفحات الله - عز وجل -

البقاعي كان ممن يكثر من الحديث عن فضل الله - سبحانه وتعالى - عليه، ولاسيما فضل توفيقه - جل جلاله - إلى تأليف تفسيره" نظم الدرر" والعبارات التي توالت في تفسيره مُبِيَنةً عن سروره به جد كثيرة منها قوله:

"هذا كتاب عُجاب رفيع الجناب في فن ما رأيت من سبقني إليه ولا عوّل ثاقب فكره عليه (١)

وقوله٠ " في فن ما رأيت من سبقني إليه " لا يعني أنَّه أول من تحدث في مناسبات القرآن الكريم، فإنه قد صرح بمن سبقوه إلى ذلك، ولكنهم لم يقوموا بهذا في تدبرهم القرآن الكريم كله، وإنما في بعضه ولذلك يطلب النظر في صنيعه وصنيعهم، فهو الذي أقام تفسيره كلّه على علم التناسب القرآني في جميع عناصر البيان القرآني

وهذا بحق لم يقم به أحد من قبله ممن بلغنا تفسيره كمثل ما قام هو به في تفسيره، وأصلُ العلم لا شك في أنَّه مسبوق به، أمَّا على هذا النحو المستوعب فإنَّما هو بحقٍّ فريدُ عصره فيه، ولهذا تراه يذكر سبق" أبي جعفر بن الزبير" بكتابه (البرهان في ترتيب سور القرآن) ويقول:

" وهو لبيان مناسبة تعقيب السورة بالسورة فقط، لايتعرض فيه للآيات " (٢)

وذكر كتاب " الزركشي" (البرهان في علوم القرآن) وقال عنه: " فرأيته ذكر فيه ما يُعَرّفُ بمقدار كتابي هذا " (٣)

وذكر تفسير" جمال الدين ابن النقيب " (ت:٦٩٨) المسمّى (التحرير والتحبير لأقوالِ أئمّةِ التفسيرِ فِي معانِي كلامِ السَّميعِ البَصير) قال عنه تلميذه " الذهبيّ" في معجم الشيوخ إنه في تسعة وتسعين مجلدًا استوعب القراءات وأسباب النزول والإعراب وأقوال المفسرين وأقوال الصوفية وحقائقهم "


(١) – ااسابق: ١/٢
(٢) – السابق:١/٦
(٣) – الموضع السابق

<<  <   >  >>