كانت هذه الأحوال لا تفارقه, فالصبر لازم له إلى الممات.
ولما كان الصبر مأموراً به, جعل الله -سبحانه- له أسباباً تعين عليه وتوصل إليه فمما يسلي المصاب: أن يوطن نفسه على أن كل مصيبةً تأتيه هي من عند الله وأنها بقضائه وقدره, وأنه -سبحانه وتعالى- لم يقدرها عليه ليهلكه بها, ولا ليعذبه, وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه, وشكواه إليه وابتهاله ودعاءه, فإن وفق لذلك كان أمر الله قدراً مقدوراً, وإن حرم ذلك كان ذلك خسراناً مبيناً.
وعلاج المصائب بأمور منها:
الأول: أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء, والكرب لا يرجى منه راحة.
الثاني: أن يعلم أن المصيبة ثابتة.
الثالث: أن يقدر وجود ما هو أكثر من تلك المصيبة.
الرابع: النظر في حال من ابتُلي بمثل هذا البلاء, فإن التأسي راحة عظيمة.
الخامس: النظر في حال من ابتُلي أكثر من هذا البلاء, فيهون عليه هذا.
السادس: رجاء الخلف إن كان من مضى يصح عنه الخلف كالولد والزوجة.
السابع: طلب الأجر بالصبر في فضائله وثواب الصابرين وسرورهم في صبرهم, فإن ترقى إلى مقام الرضا فهو الغاية.