للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرارة منقطعةٍ إلى حلاوةٍ دائمةٍ خيرٌ من عكس ذلك, فإن خفي عليك ذلك فانظر إلى قول الصادق المصدوق: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".

ومما يسلي أهل المصائب: أن المصاب إذا صبر واحتسب وركن إلى كريم, رجاء أن يخلف الله تعالى عليه, ويعوضه عن مصابه, فإن الله تعالى لا يخيبه بل يعوضه, فإنه من كل شيء عوض إلا الله تعالى فما منه عوض كما قيل.

من كل شيءٍ إذا ضيعته عوضٌ ... وما من الله إن ضيعته عوضُ

بل يعلم أن حظه من المصيبة ما يحدثه له, فمن رضي فله الرضى, ومن سخط فله السخط, فاختر لنفسك خير الحظوظ أو شرها, فإن أحدثت لك سخطاً وكفراً كنت في ديوان الهالكين, وإن أحدثت لك جزعاً وتفريطاً في ترك واجب أو فعل محرم كنت في ديوان المفرطين, وإن أحدثت لك شكايةً وعدم صبر ورضى كنت في ديوان المغبونين, وإن أحدثت لك اعتراضاً عليه وقدحًا في حكمته ومجادلة في الأقدار, فقد قرعت باب الزندقة, وفتح لك وولجته, فأحذر عذاب الله يحّل بك, فإنه لمن خالفه بالمرصاد.

وإن أحدثت لك صبراً وثباتاً لله كنت في ديوان الصابرين, وإن أحدثت لك رضى بالله ورضى عن الله وفرحاً بقضائه كنت في ديوان الراضين, وإن أحدثت لك حمداً وشكراً كنت في ديوان الشاكرين الحامدين, وإن أحدثت لك محبة واشتياقاً إلى لقائه كنت

<<  <   >  >>