للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذهب بصره, وموسى يقاسي فرعون ويلقى من قومه المحن, وعيسى ابن مريم لا مأوى له إلا البراري في العيش الضنك, ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين يصابر الفقر, وقُتل عمه حمزة وهو من أحب أقربائه إليه, ونفور قومه عنه, وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره, ولو خلقت الدنيا للذة لم يكن حظ للمؤمن منها (١).

قال شقيق البلخي: ذهب بصر عبد العزيز بن أبي رواد عشرين سنة فلم يعلم به أهله ولا ولده فتأمله ابنه ذات يوم فقال له: يا أبت ذهبت عيناك؟ قال: نعم يا بني, الرضا عن الله أذهب عين أبيك منذ عشرين سنة (٢).

وقال علي بن الحسن: كان رجل بالمصيصة ذاهبٌ نصفه الأسفل لم يبق منه إلا روحه في بعض جسده, ضريرٌ على سرير مثقوب, فدخل عليه داخل فقال له: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: ملك الدنيا منقطع إلى الله -عزّ وجل- ما لي إليه من حاجةٍ إلا أن يتوفاني على الإسلام (٣).

أخي الحبيب أين نحن من هؤلاء؟ !

إن من جواهر البر كتمان المصيبة حتى يُظن أنك لم تصب قط. فالمؤمن الموفق -نسأل الله تعالى حسن التوفيق- من يتلقى


(١) تسلية أهل المصائب ٣١.
(٢) حلية الأولياء ٨/ ١٩١.
(٣) صفة الصفوة ٤/ ٢٨٧.

<<  <   >  >>