للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصيبة بالقبول, ويعلم أنها من عند الله لا من عند أحدٍ من خلقه, ويجتهد في كتمانها ما أمكن (١).

فمن كمال الصبر كتمان المرض وسائر المصائب, ومن كنوز البر كتمان المصائب والأوجاع والصدقة (٢).

نقل عن الحسن بن عرفة قال: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة, فقلت له: يا أبا عبدالله قمت مقام الأنبياء, فقال لي: اسكت, فإني رأيت الناس يبيعون أديانهم, ورأيت العلماء ممن كان معي يقولون ويميلون فقلت: من أنا وما أنا؟

وما أقول لربي غداً إذا وقفت بين يديه -جل جلاله-؟ فقال لي: بعت دينك كما باعه غيرك ففكرت في أمري ونظرت إلى السيف والسوط فاخترتهما, وقلت: إن أنا مت صرت إلى ربي -عزّ وجل- فأقول: دعيت إلى أن أقول في صفة من صفاتك مخلوقة, فلم أقل فالأمر إليه, إن شاء عذب وإن شاء رحم فقلت: وهل وجدت لأسواطهم ألماً؟

قال لي: نعم, وتجلدت إلى أن تجاوزت العشرين, ثم لم أدر بعد ذلك, فلما حل العاقبان كأني لم أجد له ألماً, وصليت الظهر قائماً, قال الحسن: فبكيت فقال لي: ما يبكيك؟ قلت: بكيت مما نزل بك, قال: أليس لم أكفر؟ ما أبالي لو تلفت (٣).


(١) تسلية أهل المصائب ٢٤.
(٢) الإحياء ٤/ ٧٨.
(٣) طبقات الحنابلة ١/ ١٤٠.

<<  <   >  >>