وهو سبحانه بمنه وكرمه يعفو عن كثير وإلا لو كانت مصائبنا على قدر ذنوبنا لعظمت وكثرت.
أخي المسلم:
ينبغي للعبد أن لا ينكر في هذه الدنيا وقوع هذه المصائب على اختلاف أنواعها, وما استخبر العقل والنقل أخبراه بأن الدنيا مارستان المصائب, وليس فيه لذةٌ على الحقيقة إلا وهى مشوبة بالكدر, فكلُ ما يظن في الدنيا أنه شراب فهو سراب وعمارتها وإن حسنت صورتها خراب, وجمعها فهو للذهاب, ومن خاض الماء الغمر لم يخل من بلل, ومن دخل بين الصفين لم يخل من وجل, فالعجب كل العجب ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع, وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضِّر النفع.
أخي:
طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها ... صفواً من الأقذاء والأكدار
قال أبو الفرج الجوزي: ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور فيها الأمراض والأكدار, ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار, فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا, ونوح بكى ثلاثمائة عام, وإبراهيم يكابد النار وذبح الولد, ويعقوب بكى حتى