للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كانت المصيبة مما يمكن كتمانها, فكتمانها من نعم الله عزّ وجل الخفية .. وهذا سر من أسرار الرضا وعدم التضجر والانزعاج.

قال الأحنف: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة, ما ذكرتها لأحد (١).

ولما نزل في إحدى عيني عطاء الماء, مكث عشرين سنة لا يعلم به أهله (٢).

رحمه الله لو رأى زماننا لعجب من كثرة الحديث في المصائب .. بل إن البعض حتى قبل أن تسأله عن صحته وحاله .. يبادر بالشكوى .. ويكثر التسخط .. يحدثك بما فيه من الأمراض .. وبما في أبنائه وأهله .. حتى ليخيل إليك أن هذا الإنسان ما مر به خيرٌ ونعمةٌ ورخاءٌ قط .. ووالله لو نظر بعين الرضا لرأى الخير في حياته يحف به من جميع الجوانب .. نعمٌ لا تحصى ولا تعد.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كنوز البر كتمان المصائب, وما صبر من بث" وحين سأل يونس بن زيد ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ما منتهى الصبر؟ قال أن يكون يوم تصيبه المصيبة مثله قبل أن تصيبه (٣).

وقال بكر بن عبد الله المزني: كان يقال من الاستكانة الجلوس


(١) مختصر منهاج القاصدين ٢٩٩.
(٢) تسلية أهل المصائب ٢٢٦.
(٣) تسلية أهل المصائب ١٩٤.

<<  <   >  >>