للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخي الحبيب ..

نسير إلى الآجال في كل لحظةٍ ... وأيامنا تطوى وهنَّ مراحل

ولم أر مثل الموت حقًّا كأنه ... إذا ما تخطته الأماني باطل

وما أقبح التفريط في زمن الصبا ... فكيف به والشيب للرأس شاعل

أخي ..

ترحل من الدنيا بزاد من التقى ... فعمرك أيام وهنَّ قلائل (١)

لنر حال عامر بن عبد قيس وهو ينادي .. من أُقرئ, فيأتيه ناس, فيقرئهم القرآن, ثم يقرئ الناس إلى المغرب, ثم يصلي ما بين العشاء, ثم ينصرف إلى منزله, فيأكل رغيفاً وينام نومة خفيفة.

ثم يقوم لصلاته ثم يتسحر رغيفاً ويخرج .. (٢)

أما أوقاتنا الضائعة وأيامنا التائهة التى تمر دون فائدة ..

تتواني عن العمل الصالح فيها ونقصر عن الاستفادة منها .. بل ولا نتأسف على ضياعها ولا نغتم بمضيها وزوالها ..

بل ربما نفرح بانقضائها ونبحث عما نقطع به أوقاتنا ونسلي به ساعاتنا .. حالنا كحال من لا يعرف ثمن وقته ولا جوهر زمنه .. أما من سبقنا فقد وضعوا للأمر موازينه وللرحيل عدته ..

هذا إبراهيم بن أدهم يأخذنا إلى بعض إخوانه عندما عاده في مرضه .. فجعل يتنفس ويتأسف, فقال له إبراهيم بن أدهم .. على


(١) جامع العلوم والحكم ٤٦٤.
(٢) السير ٤/ ١٥.

<<  <   >  >>