الفَقْرِ إلى الله -جَل وَعز- وَطَلَبُ المَعُونَةِ مِنْهُ عَلَى كُلّ مَا يُزاوِلُهُ مِنَ الأمُورِ، وَهُوَ حَقِيْقَةُ العُبُودِيَّةِ.
وَقَالَ ابنُ الأنبارِي: الحَوْلُ مَعْنَاهُ في كَلَام العَرَبِ: الحِيْلَةُ، يُقَالُ: ما للرجُلِ حَوْلٌ، وَمَالَهُ، احْتِيَالٌ، وَمَالَهُ مَحَالَةٌ، وَمَالَهُ مِحَالٌ؛ بمعنى واحد. يريد: أنهُ لا حيلَة لَهُ في دفِعِ شرٍّ، ولا قوَّةَ لَهُ في درْكِ خير إلا باللهِ، ومعناهُ: التَّبَرُّؤُ من حَوْلِ نفْسِهِ وَقُوتهِ، والانْقِطَاع إلى الله [عز وجل](١) في جميعِ الأمورِ.
وقالَ أبو الهَيْثَم الرَّازِي قولُهُ:"لا حَوْلَ" أصلُه من حَال الشيءُ إذَا تَحَرك، يقولُ: لا حَرَكَةَ ولا اسْتِطَاعَةَ إلا بالله. وَقَدْ رُوِيَ عن ابن مَسْعُودٍ أنهُ قالَ في تَفْسِيْرِهِ:"لَا حَوْلَ عنْ مَعْصِيَةِ الله إلا بِعِصْمَةِ اللهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ الله إلا بِعَوْنِ اللهِ".
قال أبو سليمانَ: وهذا (٢) أحسنُ ما جاءَ فِيْهِ.
[٩٠][و](٣) قوله: "أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم
[٩٠] أخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٥٠٦، ٥٥٧، والإمام أحمد في المسند ٣/ ٤٢٤ واللفظ لأحمد من حديث الزرقي قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استووا حتى أثنو على ربي؛ فصاروا خلفه صفوفاً، فقال: اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك، ورحمتك، وفضلك، =