للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفقهاء يقولون: إنما شرع الأحكام لمصالح العباد تفضلاً وإحساناً على عباده"١.

وأما البيضاوي، فقد استدل على أن الله تعالى شرع أحكامه لمصالح العباد بالاستقراء، وقرر الأسنوي والبدخشي ذلك بأن العلماء تتبعوا أحكام الشرع، فوجدوا كل حكم منها مشتملاً على مصلحة عائدة إلى العباد.

ولما كانت المصالح غير منفكة عن الأحكام، فإن شرعيتها حينئذ للمصالح لكن ذلك على سبيل التفضل والإحسان، لا على سبيل الوجوب كما قالت المعتزلة٢.

وواضح من النقول المتقدمة أن الأحكام معللة بمصالح العباد، وأن ذلك تفضل من الله على عباده.

الأمر الثاني: أن تكون المصلحة التي ترتب الحكم فيها على الوصف لم توجد معها مصلحة أخرى ناشئة عن هذا الحكم، ليحصل ظن كون الوصف علة للحكم، إذ لو كان معها مصلحة أخرى، لم يحصل ظن علية الوصف للحكم، لجواز أن يكون الوصف الآخر علة للحكم.

وعلى هذا فحيث ثبت حكم شرعي، وهناك وصف مناسب له متضمن لمصلحة العبد، ولم يوجد غيره من الأوصاف الصالحة للعلية غلب على الظن كونه علة لذلك الحكم، لكون الأصل عدم غيره من الأوصاف الصالحة للعلية، وامتناع خلو الحكم عن العلة، فالمناسبة حينئذ تفيد ظن العلية، والظن يجب العمل به، لإجماع الصحابة على وجوب اتباعه في الأحكام الشرعية، فثبت أن المناسبة تفيد العلية وهو المطلوب٣.


١ انظر: المحصول ص ٣٠٩ خ.
٢ انظر: نهاية السول ٣/٥٨، ومنهاج العقول ٣/٥٦.
٣ الأحكام للآمدي ٣/٢٦٤، ونهاية السول ٣/٥٨، ومنهاج العقول ٣/٥٦.

<<  <   >  >>