للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أن المحلى رد ما ذهب إليه أبو زيد من منع التمسك بالمناسب في مقام المناظرة، وصحح كون المناسب بهذا المعنى حجة للناظر على خصمه.

وبين الشربيني وجه الرد بقوله: "وحاصل الرد أن المراد تلقي العقول من حيث هي، لا عقل المناظر ومتى كان ظاهر المناسبة كفى تلقي القبول، إذ المدار على الظن، فإنكار الخصم حينئذ مكابرة"١.

وما ادعاه أبو زيد من عدم إمكان إثباته على الخصم رده الغزالي بأن المناسب معنى معقول ظاهر في العقل، يتيسر إثباته على الخصم بطريق النظر العقلي بحيث ينسب الخصم في جحده بعد الإظهار بطريقه إلى النكر والعناد٢.

ولعل أبا زيد لم يعتبر المناسب بهذا المعنى، لأنه من أئمة الحنفية المانعين للاحتجاج بالإخالة أي التمسك بطريق المناسبة في مقام المناظرة، لأنهم اشترطوا ضم العدالة إليها بإقامة الدليل على كون الوصف ملائماً مؤثراً، لإلزام الخصم.

والتأثير عندهم يثبت باعتبار الشارع نوع الوصف في نوع الحكم أو جنسه، أو اعتبار جنسه في جنس الحكم أو نوعه، وهو بهذا المعنى متفق عليه.

ويدل لهذا أن الإخالة عندهم لا تنفك عن المعارضة، إذ يقول الخصم لم يقبله عقلي، عند قول المناظر هذا مناسب، لأنه لو عرض على العقول لتلقته بالقبول٣، وسيأتي لهذا زيادة إيضاح إن شاء الله تعالى.

وذكر الشيخ عيسى منون "أن هذا التعريف يرد عليه ما أورده الأسنوي على تعريفي الإمام الآتين من أن السرقة والزنا وصفان مناسبان لكل منهما علة لوجوب حده، والقتل العمد العدوان وصف مناسب وقع علة لوجوب القصاص، وغير ذلك من الأوصاف المناسبة، وليست مما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول، فلا يكون التعريف جامعاً.


١ انظر: تعليقات الشربيني بهامش حاشية العطار ٢/٣١٩، والمحلى ٢/٣١٩.
٢ انظر: شفاء الغليل ص ١٤٣.
٣ انظر: التقرير والتحبير ٣/١٦٠، سلم الوصول على نهاية السول ٤/٧٦.

<<  <   >  >>