للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب ما أشار إليه محقق المحلى حيث زاد على التعريف "من حيث التعليل".

قال: "وتوضيحه أن يقال: ليس المراد ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول، من حيث ذاته، بل من حيث التعليل به، وترتب الحكم عليه ولا شك أن ما ذكر في السؤال تتلقاه العقول بالقبول من تلك الحيثية.

فيكون حاصل شرح التعريف بعد الجواب عن هذين الاعتراضين: المناسب هو الوصف الذي لو عرض ربط الحكم وترتبه عليه على العقول السليمة في ذاتها بقطع النظر عما يشوبها من العناد والمكابرة١، لتلقته بالقبول، واعتبرته موافقاً وملائماً لمقتضاها، ليس متنافراً ولا متدافعاً كالسرقة، فإنه وصف قد ربط به الحكم، وهو وجوب الحد بالقطع، ولو نظرت إليه العقول السليمة، لاعتبرته ملائماً وموافقاً لما يترتب عليه من المصالح ودفع المفاسد"٢.

التعريف الثاني: للآمدي، فإنه لما اعترض على تعريف أبي زيد بما تقدم ولم يجب عنه قال: "والحق في ذلك أن يقال المناسب عبارة عن وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصوداً من شرع ذلك الحكم، وسواء كان ذلك الحكم نفياً أو إثباتاً، وسواء كان ذلك المقصود جلب مصلحة أو دفع مفسدة"٣.

ومثل تعريف الآمدي هذا تعريف ابن الحاجب، فإنه عرفه بأنه "وصف ظاهر منضبط يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً للعقلاء.

"والمقصود إما جلب مصلحة، أو دفع مفسدة، والمصلحة اللذة ووسيلتها،


١ المكابرة: المنازعة في المسألة العلمية لا لإظهار الصواب، بل لإلزام الخصم، وقيل مدامغة الحق بعد العلم به.
انظر: التعريفات للجرجاني ص ٢٢٧.
٢ انظر: نبراس العقول ١/٢٦٨.
٣ انظر: الأحكام للآمدي ٣/٢٤٨.

<<  <   >  >>