للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من التصحيف في النقط والشكل، وفي الكتابة من الذهاب والنسيان، وكما في تولية أبي بكر لعمر رضي الله عنهما، لكونه أحق بالخلافة ممن سواه، وكما في ترك عمر الخلافة شورى بين الستة١؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض، وكما في هدم الدور المجاورة للمسجد لقصد توسعته للمصلين، وكعمل عمر للسكة تسهيلاً لمعاملة المسلمين، وكإحداث عثمان رضي الله عنه الأذان الأول يوم الجمعة تنبيهاً للناس في حضور وقت صلاة الجمعة، وكاتخاذ عمر سجناً لمعاقبة المجرمين، وتدوين الدواوين كما فعل عمر رضي الله عنه، فهو أول من فعل ذلك ولم يتقدم في هذه الأمثلة أمر من الشارع ولا نظير لها٢.

قال الشاطبي بعد ذكر اتفاق الصحابة على جمع القرآن: "ولم يرد نص عن النبي صلى الله عليه وسلم بما صنعوا من ذلك، ولكنهم رأوه مصلحة تناسب تصرفات الشرع قطعاً، فإن ذلك راجع إلى حفظ الشريعة، والأمر بحفظها معلوم، وإلى منع الذريعة للاختلاف في أصلها الذي هو القرآن، وقد علم النهي عن الاختلاف بما لا مزيد عليه"٣.

وممن احتج لمالك رحمه الله بأنه احتج بعمل الصحابة على اعتبار المناسب المرسل الأسنوي فإنه قال: "احتج مالك بأن من تتبع أحوال الصحابة - رضي الله عنهم - قطع بأنهم كانوا يفتون في الوقائع بمجرد المصالح، ولا يبحثون عن أمر آخر، فكان ذلك إجماعاً منهم على قبولها"٤.

وجه استدلال المالكية بهذه النصوص هو أنه إذا صح أن الصحابة كانوا


١ وهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم.
٢ انظر: نشر البنود شرح مراقي السعود ٢/١٨٨-١٨٩.
٣ انظر: الاعتصام ٢/١١٧.
٤ انظر: نهاية السول مع منهاج العقول ٣/١٣٧.

<<  <   >  >>