للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكموا بصحة الإقرار ... من ذاعر يجس لاختبار١

ولعل وجه الاشتباه على من نسب ذلك لمالك رحمه الله أن المدونة من رواية سحنون عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك، فلم يفرق الناقل منها بين ما كان عن مالك منها، وما هو لسحنون دون مالك، والله تعالى أعلم.

٣ - ما نقله ميارة٢ عن اللخمي٣ أن قول مالك هو أنه لا حكم لإقراره ولا يؤخذ به حيث قال في المدونة: "وإن أخرج السرقة أو القتيل في حال التهديد لم أقطعه ولم أقلته حتى يقر بعد ذلك آمناً، وإلى هذا ذهب الشيخ خليل٤ في مختصره، حيث قال: "وثبت بإقرار إن طاع، وإلا فلا وإن عين السرقة وأخرج القتيل"٥.

فتحصل أن ما نسب لمالك من القول بضرب المتهم غير صحيح، كما قال مشايخ المالكية، وأنه إنما قال بسجنه، وأن القول بضربه هو نص أصحابه.


١ انظر: حاشية الدسوقي ٤/٣٤٥، وفي القاموس الذاعر الخائف ا. هـ ٢/٣٥، وفسره عبد الباقي بأنه بالذال المعجمة الخائن، وبالمهملة المفسد، انظر: الحطاب ٨/١٠٧.
٢ هو: محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله ميارة، الفقيه المالكي، الفاسي، ولد سنة٩٩٩هـ له مؤلفات منها الاتفاق والأحكام في شرح تحفة الحكام، مطبوع والدرر الثمين في شرح منظومة المرشد المعين في الفقه المالكي وغيرهما، توفي سنة ١٠٧٢ رحمه الله.
انظر: الأعلام للزركلي ٦/٢٣٨.
٣ هو: طليب بن كامل اللخمي، ويسمى أيضاً بعبد الله من كبار أصحاب مالك رحمهما الله وجلسائه، كنيته أبو خالد، سكن الاسكندرية أخذ عنه ابن القاسم، وابن وهب، وبه تفقه ابن القاسم قبل رحلته إلى مالك، وكان عنده من أوثق أصحاب مالك، توفي سنة ١٧٣هـ في حياة مالك بن أنس.
انظر: الديباج ١/٤٠٥.
٤ هو: خليل بن إسحاق بن موسى، المالكي صاحب المختصر، الفقيه العلامة، الملقب بضياء الدين المصري، كان يلبس زي الجندي، تعلم على مشائخ القاهرة حتى صارت له يد في الحديث والفرائض والعربية وجمع بين العلم والعمل، وتفقه حتى ولي الإفتاء على مذهب مالك وتخرج على يديه جماعة من الفقهاء الفضلاء شيوخ مصر، له مؤلفات منها: التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب، ومختصره هو الذي توالت عليه أيدي علماء المالكية بالشرح والتعليق، وله المناسك وغيرها، توفي رحمه الله سنة ٧٧٦هـ.
انظر: مقدمة حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١/ب، والأعلام ٢/٣٦٤.
٥ انظر: شرح ميارة لتحفة الأحكام ٢/٢٦٧.

<<  <   >  >>