للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسجن والضرب تهديد كله، وأرى أن يقال"١.

فهذا النص صريح في عدم صحة ما نسب لمالك من القول بضرب المتهم، وذلك لأنه لم يرتب عليه أثره من اعتبار الإقرار المنتزع بالتهديد فهو إذاً لا يقول بضرب المتهم وتهديده ولا يعتبره إقراره ما لم تقم عليه بينة، أو يقر مختاراً.

٢ - إن الشاطبي رحمه الله صرح بأن مالكاً إنما ذهب إلى جواز سجن المتهم، وأن ضربه إنما هو نص أصحابه.

قال: "ذهب مالك إلى جواز السجن في التهم، وإن كان السجن نوعاً من العذاب، ونص أصحابه على جواز الضرب"٢، ولعل من نسب ذلك لمالك من المالكية وغيرهم كان اعتماده فيه على ما نقله الدردير٣ عن سحنون أنه قال: "يعمل بإقرار المتهم، وبه الحكم إن ثبت عند الحاكم أنه من أهل التهمة، فيجوز سجنه وضربه ويعمل بإقراره"٤.

قال الدسوقي٥: "وبه القضاء كما في تحفة الأحكام، ونسبه لمالك حيث قال:

وأن يكن مطالباً من يتهم ... فمالك بالسجن والضرب حكم


١ انظر: المدونة ٤/٤٢٦.
٢ انظر: الاعتصام ٢/١٢٠.
٣ هو: الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهري الشهير بالدردير، العالم العلامة، أوحد وقته في العلوم العقلية، ولد رحمه الله سنة ١١٢٧هـ حفظ القرآن في صغره، وتعلم على مشائخ مصر حتى أفتى في حياة شيوخه، وتولى الإفتاء بعد وفاة شيخه وتولى التدريس والتأليف، له مؤلفات منها شرحه المختصر خليل المسمى بالشرح الكبير، وشرحه لمختصر خليل الذي سماه أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك ورسالة في متشابه القرآن وغيرها، توفي سنة ١٢٠١?.
انظر: مقدمة حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١/ب.
٤ انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٤/٣٤٥.
٥ محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي الفقيه المالكي، ولد بدسوق قرية من قرى مصر وتعلم على مشائخها حتى تصدر للتدريس والقراءة، عرف بوضوح البيان وجودة التحرير وحسن الخلق والتواضع، له مؤلفات منها حاشيته على الشرح الكبير شرح مختصر خليل، وأخرى على مختصر السعد على التلخيص وغيرهما، توفي سنة ١٢٣٠هـ بمصر.
انظر: مقدمة حاشية الدسوقي ١/جـ فما بعدها.

<<  <   >  >>