للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: ما جاء في المسودة عن ابن برهان١ أنه قال: "الحق ما قاله الشافعي، قال: إن كانت ملائمة - يعني المصلحة المرسلة - لأصل كلي من أصول الشريعة، أو لأصل جزئي جاز لنا بناء الأحكام عليها وإلا فلا"٢.

وما ذكره ابن برهان هنا هو ما ذهب إليه المالكية من أم المرسل إذا كانت المصلحة فيه ملائمة لأصول الشريعة وقواعدها العامة قبل، وإن لم يشهد له أصل معين، وإن لم تكن المصلحة فيه ملائمة، فلا يقبل، وهو الغريب الذي تقدم إيضاحه، ونقل الاتفاق على رده بما يغني عن إعادته.

الثالث: نقول من فتاوى الإمام مالك رحمه الله، وأقوال بعض علماء الحنابلة تدل على اعتبار الإمام أحمد وأتباعه الآخذ بالمناسب المرسل، من ذلك ما نقله ابن القيم من رواية المروزي٣، وابن منصور٤، قال: "والمخنث يُنفى لأنه يقع منه الفساد والتعرض له، وللإمام نفيه إلى بلد يأمن فساد أهله، وإن خالف به عليهم حسبه".

ومنها ما رواه ابن القيم عن الإمام أحمد أيضاً في من طعن على الصحابة أنه


١ هو: أحمد بن علي بن محمد الوكليل المعروف بابن برهان، أبو الفتح الفقيه الشافعي البغدادي، عرف بالتبحر في الأصول والفروع وغيرهما، تولى التدريس في المدرسة النظامية نحو شهر ثم عزل، له مؤلفات منها في أصول الفقه الوجيز، أخذ عن أبي حامد الغزالي وأبي بكر الشاشي، والكيا الهراس حتى تبحر في العلوم، ولد ببغداد سنة ٤٧٩هـ وتوفي سها سنة ٥١٨هـ.
انظر: وفيات الأعيان ١/٩٩، الأعلام للزركلي ١/١٦٧.
٢ انظر: المسودة لآل تيمية ص ٤٥١.
٣ هو: أحمد بن محمد بن الحجاج شيخ بغداد، أبو بكر الفقيه أجل أصحاب الإمام أحمد، لزمه دهراً حتى أخذ عنه العلم والعمل، وعن محمد بن المنهال الضرير، وغيرهما، وأخذ عنه الخلال الفقيه ومحمد بن مخلد العطار وغيرهما، كان إماماً في السنة شديد الاتباع، مات سنة ٢٧٥هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ ٢/٦٣١-٦٣٣.
٤ هو إسحاق بن منصور بن برهام أبو يعقوب المروزي المعروف بالكوسج، فقيه حنبلي من رجال الحديث، ولد بمرو، ورحل إلى العراق والحجاز والشام واستوطن نيسابور حتى مات بها سنة ٢٥١هـ، ألف المسائل في الفقه الحنبلي التي دونها عن الإمام أحمد.
انظر: الأعلام للزركلي ١/٢٨٩.

<<  <   >  >>