للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وجب على السلطان عقوبته، وليس للسلطان أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب وإلا عاد إلى العقوبة"١.

وواضح مما نقله ابن القيم في هذين النصين عن الإمام أحمد أنه إنما اعتمد في الفتوى هنا على المصلحة التي لم يشهد لها أصل معين وإن كانت ملائمة لتصرفات الشارع، وشهدت لها نصوصه في الجملة.

ومنها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ونصه: "إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو على الإباحة أو التحريم، فلينظر مفسدته، وثمرته، وغايته، فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة، فإنه يستحيل على الشارع الأمر به، أو إباحته بل يقطع أن الشارح يحرمه، ولا سيما إذا كان مفضياً إلى ما يبغضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم"٢.

ويقول: "ومن استقرى الشريعة في مواردها ومصادرها وجدها مبنية على قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ٣.

فكل ما احتاج الناس إليه في معاشهم ولم يكن سببه معصية هي ترك واجب، أو عمل محرم - لم يحرم عليهم، لأنهم في معنى المضطر الذي ليس بباغ ولا عاد٤.

ومنها قول ابن القيم: "فإذا قدر أن قوماً اضطروا إلى السكنى في بيت إنسان لا يجدون سواه أو النزول في خان مملوكة ... وجب على صاحبه بذله بلا نزاع، لكن هل له أن يأخذ عليه أجراً؟ فيه قولان للعلماء وهما وجهان لأصحاب أحمد"٥.


١ انظر: أعلام الموقعين ٤/٤٦٧-٤٦٨.
٢ انظر: نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي ص ٤٧٢، نقلاً عن المنار المجلد التاسع ٧٦٩، فقد نقل عن الشيخ جمال الدين القاسمي هذه العبارة عن ابن تيمية وهو يعلق على شرح الطوفي لحديث "لا ضرر ولا ضرار" والمصلحة في التشريع الإسلامي ص ٥٦-٥٧.
٣ سورة البقرة آية: ١٧٣.
٤ انظر: فتاوى ابن تيمية ٣/٢٩٤.
٥ انظر: الطرق الحكمية ص ٣٠٥.

<<  <   >  >>