للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيعه، فهذا يؤمرون بالواجب، ويعاقبون على تركه، وكذلك كل من وجب عليه أن يبيع بثمن المثل فامتنع"١.

وقسمه ابن القيم إلى ما هو: ظلم حرام، وما هو عدل جائز، فقال: "فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه أو منعهم مما أباح الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز، بل واجب.

فأما القسم الأول: فمثل ما روى أنس قال: غلا السعر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، لو سعرت لنا، "فقال: إن الله هو القابض الرزاق، الباسط المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال" ٢.

فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم، وقد ارتفع السعر، إما لقلة الشيء وإما لكثرة الخلق، فهذا إلى الله، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.

وأما الثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها، مع ضرورة الناس إليها، إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، والتسعير ههنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به"٣.

والذي تفيده هذه النصوص أن علماء الحنابلة اعتمدوا الأخذ بالمناسب المرسل اعتماد من يراه أصلاً لاستنباط الأحكام إذا كانت المصلحة ملائمة لتصرفات الشارع، وإن لم يشهد لها نص معين.


١ انظر: الطرق الحكمية ص ٣٠٣.
٢ الحديث أخرجه أبو داود ٢/٢٤٤.
٣ انظر: الطرق الحكمية ص ٢٨٥-٢٨٦.

<<  <   >  >>