للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الإلزام في كون التمسك بالمناسب المرسل يقتضي إثبات شرع جديد من ثلاثة أوجه:

١ - إن اعتباره يؤدي إلى أن تكون الشريعة فوضى يتجاذبها العقلاء بحسب ظنونهم من غير التفات إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ما لا يلتفت فيه إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو إحداث لشرع جديد.

وجه ذلك أن الوصف المرسل هو ما لم يشهد له الشرع باعتبار ولا إلغاء، فالعامل بمقتضى ذلك ليس له مستند سوى الظن، والعمل بالظن المجرد عن الدليل فيه التفات عن الشرع، ثم هو يؤدي إلى إحداث شرع جديد، وإحداث شرع جديد باطل، فالتمسك بالوصف المناسب المرسل باطل.

٢ - إن المعتبر للوصف المرسل إن لاحظ مصالح الشريعة فهذا صحيح مسلم به، وإن أضرب عنها بأن لم يلاحظها، فهو منشئ لشرع جديد، ولا شرع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه خاتم الأنبياء، فالعامل بالوصف المرسل غير ملاحظ للشريعة، وإنما هو عامل بشرع جديد، ولا شرع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٣ - إن اعتبار الوصف المناسب يقتضي تغيير الأحكام عند تبدل الأشخاص والأماكن والأزمنة، لأن المصلحة تختلف باختلاف الأشخاص، فما يكون مصلحة لشخص، يكون مفسدة لغيره، وكذلك ما يكون مصلحة في زمن يكون مفسدة في زمن آخر، وكذلك الأمكنة، وتغيير الأحكام باعتبار ذلك يؤدي إلى تغيير الشرع، وإثبات شرع جديد، وإثبات شرع جديد باطل.

وظاهر من الأوجه الثلاثة أنها ترجع إلى شيء واحد هو إحداث شرع جديد بسبب اعتبار الوصف المناسب المرسل١.

وأجيب عنه بمنع الملازمة بين اعتبار الوصف المناسب المرسل وبين إحداث شرع جديد بالهوى من غير التفات إلى نصوص الشرع، لأن من اعتبر الوصف المرسل لم يكن مستقلاً بحكمه به من غير التفات إلى الشرع مطلقاً؛ لأنه وإن لم


١ انظر رأي الأصوليين في المصالح المرسلة والاستحسان من حيث الحجية ... ص ١٩٢.

<<  <   >  >>