للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستند إلى دليل خاص غير أنه إنما اعتبره استناداً إلى القواعد العامة، والمقاصد الكلية التي يغلب على الظن دخول المصلحة تحتها، وفيما "ذكره القاضي عنهم من أنهم يقولون بالمصلحة بشرط عدم مصادمتها النص، هو أبلغ رد على مسالكه الثلاثة في رد الاستدلال المرسل.

فهو يرد الاستدلال الذي تتبع فيه الشهوات، وتعطل النصوص، وتغير به الشريعة، ويصبح المستدل فيه مشرعاً.

وأما القائلون بالاستدلال المرسل، فلا يقولون به إلا إذا انعدم النص؛ لأن المصلحة المرسلة فرع انعدامه، وإذا وجد فالمصير إليه أولاً وأخيراً، فلا يمكن أن يتصور التعارض بين النص والمصلحة المرسلة، علاوة على العمل بها في مصادمته وإبطاله"١.

الدليل الثاني: إن المصلحة في الوصف المرسل مترددة بين المصلحة التي اعتبراه الشارع، وبين المصلحة التي ألغاها، فيحتمل أن تكون مما اعتبره الشارع، ويحتمل أن تكون مما ألغاه، ومع قيام الاحتمال لا يصح اعتبارها وبناء الأحكام عليها لعدم وجود شاهد بالاعتبار يعرف أنها من قبيل المعتبر دون الملغى، لأن اعتبارها حينئذ ترجيح بدون مرجح٢.

وأجيب عنه بأن العمل بالمصالح المرسلة مبني على ظن اعتبارها وإلحاقها بالمصالح المعتبر اتفاقاً، ويدل لهذا ما قرر به البدخشي ما استدل به البيضاوي للقائلين بالمصلحة المرسلة، قال: "لأن الظن، اعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتباره"٣ أي الوصف المرسل.

قال البدخشي موجهاً لكلام البيضاوي: "لأنه إذا ظن أن في هذا الحكم


١ انظر: تعليق محمد حسن هيتو على المنخول ص ٣٥٦-٣٥٧.
٢ انظر: الأحكام للآمدي ٤/١٤٠.
٣ انظر: المنهاج مع شرحيه نهاية السول، ومنهاج العقول ٣/١٣٦.

<<  <   >  >>