وهناك دليل واضح لما ذهبت إليه من الرأي قد خفي على كل أولئك الذين كتبوا في صلاة الجمعة وأرخوها وهو أن ملوك الصفويين الذين كانوا حماة التشيع في إيران وكثير من البدع التي ألصقت بالتشيع إنما ألصقت به بمباركتهم وسياستهم كانوا من أشد أنصار صلاة الجمعة وأكبر المساجد الإيرانية وأضخمها بنيت في عهد ملوك الصفويين، وكان المسجد الرئيسي يسمى " مسجد الجمعة " ولا يوجد مدينة كبيرة في إيران إلا وفيها مسجد من هذا الطراز وكان إمام المسجد يلقب (إمام الجمعة) ويعين بمرسوم خاص من الشاه وكان هذا المنصب منصباً محترماً يناط بكبير العلماء أو شيخ الفقهاء في كثير من الأحيان وكان هذا المنصب موجوداً في بلاط الأسرة المالكة حتى أن انقرضت الملكية في إيران قبل بضع سنوات ويعني هذا أن فكرة حرمة صلاة الجمعة في عصر الغيبة لم تطرح إلا في بلاد كان الاحتكاك شديداً فيها بين الشيعة وغيرها من الفرق الإسلامية الأخرى حتى تثني الشيعة من الالتحام بالركب الإسلامي الموحد ولكن في إيران حيث كانت الأكثرية من الشيعة فإن الفقهاء لم يعارضوا صلاة الجمعة وكانت تقام في مساجد البلاد بطولها وعرضها، غير أن فكرة الخيار بين الجمعة أو صلاة الظهر كانت موجودة فقهياً وكانت هناك في المدن الإيرانية مساجد تصلي فيها الجمعة وأخرى تصلى فيها صلاة الظهر.
وحتى كتابة هذه السطور فإن بعض فقهاء الشيعة من الأحياء يفتون بوجوب صلاة الجمعة وعدم سقوطها في عصر الغيبة ولكن عدد هؤلاء لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وكانوا عبر التاريخ الفقهي يعدون بين القلة القليلة، وبعد أن استلم الفقهاء السلطة في إيران أصبحت صلاة الجمعة في ضمن سياسة الدولة الأساسية وعينت ولاية الفقيه لكل مدينة إماماً يسمى (إمام الجمعة) كما كان يفعل لاشاه من قبل واستحدثوا تسمية جديدة لها وهي " الصلاة العبادي السياسي " فالخطباء في خطبة صلاة الجمعة يتحدثون عن قضايا الساعة والسياسة ومشاكل البلاد وسواها ولا يعني أبداً ماذا يقال في خطبة الدمعة لأن المهم هم العمل بالفريضة أما ما يقوله الخطباء فهذا شيء يعود إليهم، ولكن الذي يعنيني أن صلاة الجمعة لا زالت متروكة في كثير من المناطق التي يسكنها الشيعة خارج إيران ولا يصلونها يوم الجمعة في مساجدهم ومن هنا أود أطلب التصحيح والقضاء على هذه الظاهرة التي تتناقض مع روح الإسلام وأهدافه ونص القرآن الكريم.