الشيعية الكبرى في شهر محرم وصفر ولا سيما العاشر من محرم وهو اليوم الذي قتل فيه " الحسين " وكان المجتمعون يحتشدون بصمت أمام القبر ويوحدون صفوفهم في قراءة الزيارات التي كانت عملية تثقيفية وراءها حكماء وعلماء أحكموا فيها وضع الخطة التي تجمع الشيعة على خط واحد لا تنفصم عراه، وحقاً كان المخططون في وضع تلك الزيارات عباقرة استطاعوا تفهم النفسية الشيعية في عهد الأمويين والعباسيين تفهماً مطلقاً فجاءت تلك الزيارات وتداولها تداولاً عاماً في المواسم الخاصة بمثابة استمرار منظم في مقاومة الخلافة، وهكذا أصبح التثقيف المذهبي عن طريق تلك الزيارات عاماً وشائعاً وشاملاً رغماً عن إرادة السلطة الحاكمة، لقد حدث كل ذلك في عهد لم تعرف فيه الصحافة ولا المدارس العامة ولا الإعلام الشامل ولا وسائل الطباعة ولا التنظيمات الحزبية، ولذلك لا نجد غرابة عندما نعلم أن " المتوكل " العباسي منع الناس من زيارة الإمام " الحسين " وأمر بحرث قبره حتى يخفي معالمه عن الناس، واليوم وبعد أن انتهى كل شيء ولا يوجد للأمويين ولا للعباسيين وخلافتهم أثر في العالم الإسلامي ولا لذلك التطاحن الفكري حول الخلافة والخلفاء فهل نحن معاشر الشيعة نرغب أن نسير في الطريق نفسه الذي سرنا عليه ثلاثة عشر قرناً ونقف أمام قبور الأئمة ونردد كلاماً رددناه قروناً وقروناً لا فائدة ترجى من ورائه ولا أثر يترتب عليه؟ اللهم إلا بعض المقاطع من الدعوات الخالصة التي تشكل جزءاً صغيراً من الزيارة فحسب، ثم إلى متى سنفضل كلام المخلوق على الخالق؟ وما هي الفائدة
التي يجنيها الأئمة أنفسهم من قراءة هذه الخطب الرنانة أمام قبورهم؟ أليس من الأفضل حقاً أن نأخذ بسنة النبي الكريم - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ونتلو آيات من الذكر الحكيم أمام قبور أئمتنا؟ فإن فيها الثواب والرحمة وفيها النور والهدى ليس للزائر فحسب بل حتى للمزور وإن كان نبياً أو إماماً.
[التصحيح]
من كل ما أسلفناه يظهر بوضوح أن هذه الزيارات التي ملأت كتب الزيارة ويحتفظ بها كل شيعي في بيته ويقر} ها عندما يدخل مشهداً من مشاهد أهل