أفلاطون " في جمهوريته و " الفارابي" الفيلسوف الإسلامي في مدينته الفاضلة مضافاً على تلك النظرية المثالية قيماً إسلامية رفيعة.
ولو أن الاعتقاد بوجود " المهدي " بقي محصوراً في الإيمان بوجود إمام غائب من نسل رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - يظهر في يوم من الأيام ما يملأ الأرض قسطاً وعدلاً لكان المسلمون بخير، ولكن مع الأسف الشديد إن فقهاء المذهب الجعفري ألصقوا إلى " المهدي " جناحين شوهوا بهما صورة " المهدي " الرفيعة الوضاءة وهذا الجناحان بدعتان كبيرتان ألصقتا بالمذهب الشيعي في عهد ظهور الصراع بين الشيعة والتشيع وهما تتناقضان مناقضة صريحة واضحة مع نصوص القرآن الكريم وسيرة الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وعمل الإمام " علي " والأئمة من بعدهن البدعة الأولى هي تفسير الخمس في أرباح المكاسب والبدعة الثانية هي ولاية الفقيه في المجتهدين، إن الزعامات المذهبية التي تولت أمور الشيعة الدينية بعد الغيبة الكبرى بسبب فتح باب الاجتهاد ولا زالت هي الماسكة بزمام العقيدة الشيعية حتى هذا اليوم كانت وراء هاتين البدعتين.
أما الخمس فيكاد يكون من المتفق عليه عند علماء المذهب الشيعي إنها تشمل أرباح المكاسب والغنائم معاً إلا أن تفسير الغنيمة بأرباح المكاسب ظهر بعد الغيبة الكبرى بقرن ونصف في الكتب الشيعية، أما ولاية الفقيه فهناك من علماء المذهب من عارضها ولكن لها أنصارها إلا أن المجمع عليه عندهم أن نوعاً من الولاية التي تشبه صلاحية القضاة في تعيين الوصيّ على المجنون والطفل القاصر تكون من صلاحيات المجتهدين وقبل أن نتحدث عن البدعتين الملصقتين بالإمام " المهدي " لا بد من إعطاء صورة واضحة عن الفكرة الاجتهادية عند الشيعة وعلاقة الشيعة بالإمام " المهدي " حسب ما صوره علماء المذهب.
[الاجتهاد والتقليد]
يستند علماء الشيعة الإمامية على فتح باب الاجتهاد بمرسومين صدرا عن الإمام " المهدي " قبيل غيبته والمرسومان وإن كانا يختلفان في المضمون إلا أنهما يتفقان في المفهوم وهما:
المرسوم الأول: وأما من الفقهاء من كان صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.
المرسوم الثاني: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا إلى رواة أحاديثنا.