للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنون إليه ..... وما كنت لأعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثاً فإن كان الذنب إرشادي وهدايتي له فرب ملوم لا ذنب له (١) .... ? وهذا هو " أبو سفيان " شيخ الأمويين يزور الإمام " علياً " في داره ويقول له: ? غلبكم على هذا الأمر أرذل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلاً ورجلاً أعطني يدك لأبايعكن فيقول الإمام: ما زلت عدو الإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئاً إنا رأينا " أبا بكر " أهلاً لها إنما تريد الفتنة (٢) ..... ?

فإن كان هذا هو موقف الإمام من الخلفاء الراشدين وهو يصرح بذلك فهل نستطيع أن نقول: إن الإمام كان يظهر شيئاً ويضمر شيئاً آخر؟ معاذ الله من ذلك فإن كان الإمام يريد أن يظهر شيئاً ويضمر شيئاً آخر لما كان له ذلك الموقف الذي لا ينساه تاريخ الإنسان إلى الأبد، إنه موقف صدق وإخلاص وإيمان من رجل هو مع الحق والصدق قبل كل الاعتبارات وبعدها ويضحي في سبيلهما مهما كانت التضحيات غاليات، ففي يوم الشورى عرض " عبد الرحمن بن عوف " على الإمام " علي " الخلافة بقوله: ? أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فقال الإمام: كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي? فكرر "عبد الرحمن بن عوف " المقالة نفسها وكرر الإمام الإجابة نفسها إلى ثلاث مرات ثم انحاز " عبد الرحمن " إلى " عثمان " وعرض عليه الخلافة بالصورة التي عرضها على الإمام فقبلها " عثمان " وتمت البيعة له.

فهل " علي " الذي يغض النظر عن خلافة إسلامية كان لواؤها يرفرف على أكبر رقعة من الأرض المسكونة في ذلك التاريخ لأجل كلمة واحدة هي " نعم " وهو لا يريد الإيفاء بها يجامل أو يخادع أو يقول شيئاً ويضمر غيره أو يبايع


(١) - نهج البلاغة ج٣ ص٣٠
(٢) - علي إمام المتقين - عبد الرحمن الشرقاوي ج١ص٦٦

<<  <   >  >>