للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول (١) ... ? إن من يقرأ هذه الآية الكريمة من غير أن يقطع أجزاءها حسب رغبته يعلم علم اليقين أن إطاعة أولي الأمر تختلف عن إطاعة الله ورسوله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم -

وأنها إطاعة محددة وفي نطاق صلاحيات أنيطت بالوالي حسب طبيعة عمله حتى أن الحكم في التنازعات بين المسلمين سلب عنه كما تنص الآية، ثم إن الآية واضحة وصريحة أنها نزلت في الذين عينهم الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - في عهده كولاة ينوبون عنه في شؤون المسلمين فالآية نزلت في عهد الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وهي تخص عهده والإشارة إليه إشارة شخصية لا عمومية، ولكن حتى إذا أخذنا بعموم الآية وأنه تشمل أولي الأمر بعد عصر الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - فإنها واضحة في عدم وجوب إطاعة أوامرهم في التنازعات التي تحدث بين المسلمين الأمر الذي يقلل من شأن أولي الأمر ويفقدهم صلاحية الولاية العامّة أو الولاية المطلقة.

وليت شعري أن أعرف كيف استدل المستدلون بهذه الآية على ولاية الفقيه وإعطائه حق التحكم في شؤون المسلمين السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية؟ فإذا كان لا يحق لأولي الأمر التدخل في تنازعات المسلمين كما نص عليه الكتاب حتى لا يتخذ اسم الله ورسوله ذريعة لكي يحكم المجتمع الإسلامي حسب أهوائه وعقائده بدون الأخذ بالشورى فهل يمكن القول أن نائب أولي الأمر يتمتع بحقوق أكثر من المنوب عنه؟

وفي إيران وهي مهد ولاية الفقيه في التاريخ المعاصر الذي عبرنا عنه بعصر الصراع الثالث بين الشيعة والتشيع استطاعت ولاية الفقيه أن تحتل الصدارة في الدستور الإيراني الجديد وتحتل أهم المواقع الأساسية منه كما استطاعت أن تسيطر على السلطة المطلقة في بالبلاد، ولكن مع كل هذا لم يستطع حماة الدستور والذين وضعوه والذين دافعوا عنه من حل التناقضات الصارخة بين التطبيقات العملية وبين النظرية الفقهية ولذلك أصبحت النظرية في نظر المجتمع الشيعي نظرية مهلهلة ضعيفة وركيكة مع القوة المادية الهائلة التي تساندها ولعل من أولي هذه المفارقات والتناقضات الصارخة والتي تتساءل الشيعة عنها في كل مكان هي:


(١) - الأنفال ٥٩

<<  <   >  >>