هناك مظاهر كثيرة للغلو تبدأ بالغلو النظري وتنتهي بالغلو العملي، والغلو النظري بكل اختصار اعتقاد الإنسان في حق إنسان آخر أنه قادر على الإتيان بكرامات أو معجزات أو أمور خارقة وغير عادية لا يستطيع الإتيان بها عامة الناس، كما أن الإيمان بتأثير إنسان ما حياً كان ذلك الإنسان أو ميتاً في حياة الآخرين خيراً أو شراً وفي الدنيا والآخرة هو مظهر كبير من مظاهر الغلو، والغلو النظري المسطور في كتب الروايات والأحاديث ونسبة الأمور العجيبة والخارقة إلى الأئمة والأولياء والمشايخ كانت السبب في تنمية الغلو العملي وما يصدر من عامة الناس في مقابر الأئمة والأولياء والمشايخ في إظهار العبودية وتقديم النذورات وطلب الحاجة المباشرة منهم وأمور أخرى لا تعد ولا تحصى.
وفكرة الغلو تحتل قلوب كثير من الناس حتى من غير المسلمين وتشارك الفرق الإسلامية الأخرى الشيعة في غلوهم بالنسبة للأئمة والأولياء نستثني منهم (السلفية) الذين استطاعوا أن يحطموا القيود التي قيدت عقول الناس وقلوبهم على السواء، غير أن الشيعة سبقت الفرق الإسلامية الأخرى في هذا المضمار كثيراً ويعود هذا الإسراف في الغلو إلى كتب الروايات التي لم تهذب وموقف الفقهاء من تلك الروايات وعدم تفنيدهم لمحتواها، فقد ذكرت كتب الشيعة والتي تعتبر موثوقة قصصاً في معجزات الأئمة وفي كراماتهم هي لا تقل عن تلك التي نجدها في كتب روايات الفرق الإسلامية الأخرى عن المشايخ والأولياء وشيوخ الصوفية، ولا أريد أن أدخل في ذلك الجدل العقيم هل أن هذه الروايات صادقة أم أنها من نسج الخيال؟ وأنها حيكت في عصر كانت أذهان العامة لا ترتضي ولا