" من بكى أو تباكى على الحسين وجبت عليه الجنة " كما جاء في بعض الروايات التي تنسب إلى الأئمة ومعاذ الله أن يصدر من الإمام كلاماً كهذا، كما أن الشيعة كانت تلبس السواد في شهر محرم وصفر حداداً على الحسين وهذه العادة أخذت بالتوسع في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع وعندما أخذت تظهر الشيعة على مسرح الأحداث السياسي والإسلامي كقوة تريد الإطاحة بالخلافة الحاكمة وكان للبويهيين الذين حكموا إيران والعراق باسم حُماة الخلافة العباسية دوراً بارزاً في تنمية الاحتفالات في أيام عاشوراء ولكن هذه الاحتفالات أخذت طابعاً عاماً وأصبحت جزءاً من الكيان الشيعي عندما استلم السلطة الشاه " إسماعيل الصفوي " وأدخل إيران في التشيع وخلق فيها تماسكاً مذهبياً للوقوف أمام أطماع الخلافة العثمانية المجاورة لإيران كما أشرنا إليه وكان البلاط الصفوي يعلن الحداد في العشر الأول من محرم من كل عام ويستقبل الشاه المعزين في يوم عاشوراء وكانت تقام في البلاط احتفالات خاصة لهذا الغرض تجتمع فيها الجماهير ويحضرها لاشاه بنفسه، كما أن الشاه عباس الأول الصفوي الذي دام حكمه خمسين عاماً وهو أكبر الملوك الصفويين دهاءً وقوةً وبطشاً كان يلبس السواد في يوم عاشوراء ويلطخ جبينه بالوحل حداداً على الإمام " الحسين " وكان يتقدم المواكب التي كانت تسير في الشوارع مرددة الأناشيد في مدح الإمام ثم التنديد بقتلته، ولا ندري على وجه الدقة متى ظهر ضرب السلاسل على الأكتاف في يوم عاشوراء وانتشر في أجزاء المناطق الشيعية مثل إيران والعراق وغيرهما ولكن الذي لا شك فيه أن ضرب السيوف على
الرؤوس وشج الرأس حداداً على " الحسين " في يوم العاشر من محرم تسرب إلى إيران والعراق من الهند وفي إبان الاحتلال الإنجليزي لتلك البلاد وكان الإنجليز هم الذين استغلوا جهل الشيعة وسذاجتهم وحبهم الجارف للإمام " الحسين " فعلموهم ضرب القامات على الرؤوس، وحتى إلى عهد قريب كانت السفارات البريطانية في طهران وبغداد تمول المواكب الحسينية التي كانت تظهر بذلك المظهر البشع في الشوارع والأزقة وكان الغرض وراء السياسة الاستعمارية الإنجليزية في تنميتها لهذه العملية البشعة واستغلالها أبشع الاستغلال هو إعطاء مبرر معقول للشعب البريطاني وللصحف الحرة التي كانت تعارض بريطانيا في استعمارها للهند ولبلاد