تكن واجبة فالواجب أولى، لكن هذا إنما يصح ممن يسلم له دينه في موضعهما، أما لو خاف على دينه وجب عليه الفرار به وترك آبائه وأبنائه كما فعل المهاجرون الذين هم صفوة الله من العباد.
وعلى هذا فاستئذان الوالدين في الهجرة المتعينة والجهاد واجب إذا لم يكن الجهاد فرض عين أو كان النفير عاماً.
أما استئذان الوالدين عند السفر فإذا كان لطلب الرزق والمعيشة , والحال ضيقة وأنت محتاج ولابد أن تذهب إلى بلد آخر, فعليك بمداراتهما واستئذانهما والذهاب حتى تستغني ثم ترجع، وإن كان لتحصيل علم تحتاج إليه أنت أو بلدك فإنه لا بأس عليك بالسفر إذا لم تجد في بلدك ما يُغنيك فإنك تخرج ولو بغير إذنهما مع غاية التلطف وتكرار المزاورة والإقامة عندهما ما أمكن.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وضع فقهاء الحنفيّة لذلك قاعدةً حاصلها: أنّ كلّ سفرٍ لا يؤمن فيه الهلاك، ويشتدّ فيه الخطر، فليس للولد أن يخرج إليه بغير إذن والديه، لأنّهما يشفقان على ولدهما، فيتضرّران بذلك.
وكلّ سفرٍ لا يشتدّ فيه الخطر يحلّ له أن يخرج إليه بغير إذنهما، إذا لم يضيّعهما، لانعدام الضّرر.
وبذا لا يلزمه إذنهما للسّفر للتّعلّم، إذا لم يتيسّر له ذلك في بلده، وكان الطّريق آمناً، ولم يخف عليهما الضّياع، لأنّهما لا يتضرّران بذلك، بل ينتفعان به، فلا تلحقه سمة العقوق.
أمّا إذا كان السّفر للتّجارة، وكانا مستغنين عن خدمة ابنهما، ويؤمن عليهما الضّياع، فإنّه يخرج إليها بغير إذنهما
انتهى.
وعلى هذا فالسفر الذي ظاهره السلامة ولا يتضرر والديك بذلك ضرراً بيناً كأن يكونا يُنفق عليهما ابنهما وإذا سافر الابن لا يمكن أن يُنفق عليهما فلا يُشترط فيه إذن الوالدين , والأولى أن يُرضيهما بما يراه مناسباً.
[حكم قطع الصلاة لأجل نداء الوالدين]
حكم قطع الصلاة لأجل نداء الوالدين إذا كان يغلب على الظن أنهما يغضبان إذا لم تُجبهم في الحال فينظر فإن كانت نافلة فيختلف الحكم فإن كان في أول الصلاة فإنه يقطعها ويُجيب أمه إذا خشي أن تغضب عليه وإذا كان في آخر الصلاة فعليه أن يتجوز فيها ولو قطعها لا تثريب عليه وهو مأجور , وإن كانت فريضة فخففها ولا تقطعها ما لم تكن هناك ضرورة عاجلة.
[حكم طلب أحد الوالدين طلاق زوجة الابن]
روى التّرمذيّ عن ابن عمر قال: «كانت تحتي امرأة أحبّها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلّقها، فأبيتُ، فذكرت ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبدَ الله بن عمر طلِّقْ امرأتك».
وسأل رجل الإمام أحمد فقال: «إنّ أبي يأمرني أن أطلّق امرأتي.
قال: لا تطلّقها. قال أليس عمر رضي الله عنه أمر ابنه عبد الله أن يطلّق امرأته؟ قال: حتّى يكون أبوك مثل عمر رضي الله عنه».
يعني لا تطلّقها بأمره حتّى يصير مثل عمر في تحرّيه الحقّ والعدل، وعدم اتّباع هواه في مثل هذا الأمر.
واختار أبو بكرٍ من الحنابلة أنّه يجب، لأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم لابن عمر. وقال الشّيخ تقيّ الدّين بن تيميّة: «فيمن تأمره أمّه بطلاق امرأته.
قال: لا يحلّ له أن يطلّقها. بل عليه أن يبرّها. وليس تطليق امرأته من برّها»
وتحقيق المسألة أن نقول ما يلي:
حكم طلب الأب من ابنه طلاق زوجته لا يخلو من حالين: