وتنقص بحسب قرابته ودينه وتقواه ونحو ذلك فيُعطى بحسب حاله وما يستحق.
الجوار المعتبر شرعاً:
هو العُرف , والجار مفهومه شامل يشمل الجوار في العمل والمكتب والسوق والمسكن والسفر والزوجة وغيره.
أصول حقوق الجار:
١ - كف الأذى عنه بغير حق. ٢ - حمايته. ٣ - الإحسان إليه. ٤ - احتمال أذاه.
وجماع الوصية بالجار هي إسداء الخير إليه وكف الشر عنه.
ولتعلم أن معاملة الناس معاملة واحدة دون مراعاة لأقدارهم ومنازلهم ودون فهم لطبائعهم ونفسياتهم خطأٌ بيَن بل المعاملة تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فللجار العالم حق وللعابد حق وللكبير حق وللصغير حق وللمكافئ حق وللعاصي حق ولليتيم حق وللأرملة حق وللغريب حق وهكذا , فلهذا حق الإجلال والتوقير ولهذا حق الرحمة والشفقة ولهذا حق النصح والملاحظة ولهذا حق التواصي وهكذا ثم إن من الجيران من يكفيه طلاقة المحيا وابتداء السلام ومنهم من تكفيه الزيارة الحولية أو الشهرية ومنهم من يعفو عن حقه كاملاً ومنهم من لا يرضى إلا بالملاحظة الدائمة والملاطفة المستمرة وهكذا.
وهنا تنبيه أخير وهو أن الصبر على أذى الجار محمود مرغب فيه إذا لم يترتب عليه هوان أو مذلة ولم يحصل بسببه ضرر على الإنسان في دينه وعرضه أو كان الجار ممن يُمكن علاجه أو استصلاحه.
[كيفية مجاورة الكافر والفاسق بالحسنى]
اعلم أولاً أن هنالك فرق بين أن تصحب الكافر أو أن يصحبك الكافر وبين أن تجاور الكافر أو يجاورك الكافر وذلك أن المسلم إذا ابتلي بهم فصاروا يعيشون بين ظهرانيه جيراناً له كان على من جاورهم أن يُحسن جوارهم , فالإحسان إلى الجار غير المسلم مشروع ومعاملتهم بالحسنى والعدل معهم دون حبهم أو توليهم أيضاً مشروع , وأما حبه وتوليه فذلك قدر زائد على الإحسان , ولا يجوز الإساءة إليه بحجة أنه كافر ما داموا مقيمين على العهد.
ولتعلم أن هناك أحكام يُشرع للحاكم إقامتها فإن لم يُقمها فقد يُشرع للمسلم المحكوم أحكام قد تناقض الأحكام الموكلة للحاكم ظاهرياً مثل أن الحاكم يجب عليه ألا يستقدم الكفار لجزيرة العرب للاستيطان بها وفي ذات الوقت أُمر المسلم في جزيرة العرب بأن يُحسن للكفار المقيمين إقامة أبدية وذلك باعتبار أنه أمر واقع.
وبالجملة على العاقل ألا يصاحب ولا يجاور من الناس ماستطاع إلا ذا فضل في العلم والدين والأخلاق , والجار الكافر في السوق وفي الدار وفي العمل ينبغي مجاورته بالمعروف وعدم أذاه أما من جعل إجابة دعوتهم ديدنه وعاشرهم وباسطهم فإن إيمانه يرق , وأما إذا كان الجار مسلم لكنه صاحب كبيرة فلا يخلو , إما أن يكون متستراً بها ويغلق بابه عليه فليعرض عنه ويتغافل عنه وإن أمكن أن ينصحه في السر ويعظه فحسن , وإن كان متظاهراً بفسقه مثل مكاس أو مرابي فاهجره هجراً جميلاً وكذا إن كان تاركاً للصلاة في كثير من الأوقات فمره بالمعروف وانهه عن المنكر مرة بعد أخرى وإن لم يستجب فاهجر مصاحبته من غير أن تقطع عنه كلامك وسلامك وهديتك وزيارتك أحياناً فإن رأيته متمرداً عاتياً بعيداً عن الخير ضالاً مُضلاً تخشى على نفسك التأثر به فأعرض عنه واجهد أن تتحول من جواره فقد تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من جار السوء في دار الإقامة.