أو أغضيت لحظ نفسك واستجلاب شهواتك وسلامة جاهك فهذه مداهنة محرمة.
وعلى هذا فالمداراة مشروعة وهي من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول كما بينا، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغلط، لأن المداراة مندوب إليها والمداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء كما ذكرنا بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه.
[الفوارق بين المداراة والمداهنة]
١ - المداراة محمودة والمداهنة مذمومة.
٢ - المداراة ترجع إلى حسن اللقاء وطيب الكلام والتودد للناس وتجنب ما يشعر ببغض أو سخط أو ملالة وكل ذلك من غير ثلم للدين في جهة من الجهات.
٣ - من المداراة أن يلاقيك ظالم فتطلق له جبينك وتحييه في حفاوة لعلك تحمي جانبك من ظلمه أو اتقاء فحشه.
٤ - من المداراة التلطف في الاعتذار.
٥ - من المداراة أن تخالط الناس فتسايرهم بالخير وتعاشرهم بالمعروف وتزايلهم بالشر وتفارقهم بالمنكر.
٦ - من المداراة مجاراة الناس في عاداتهم وأعرافهم وكل هذا مشروط بألا يكون فيما يأتي ويذر محذور شرعي.
٧ - من المدارة أن تسعى لطلب حقك فلا تقدر على ذلك بالغلبة والاستعلاء فتلجأ إلى الترفق وحسن المداراة.
٨ - المداراة يُبتغى بها رضى الناس وتأليفهم في حدود ما ينبغي أن يكون فلا يبعدك عنها قضاء بالقسط أو إلقاء النصيحة في رفق.
٩ - المداراة ترجع إلى ذكاء الشخص وحكمته , والمداراة في غير الدين أي في العادات هي من باب حسن الخلق.
١٠ - من المداراة الثناء على الرجل بما فيه إذا قصدت حمله إلى ما هو أرفع أو أن تقصره عما هو فيه من القبيح.
١١ - من المداراة أن تُذكَر المرء بسالف مجد آبائه ليحذو حذوهم.
١٢ - من المداراة أن تُحرَك في الشخص نخوته.
١٣ - من المداراة السعي في الصلح بين اثنين وتنمية قول الخير بينهما وغض الطرف عما قالاه في بعض من سوء.
١٤ - من المدارة النصيحة بطريق غير مباشر بحيث لا تواجه المنصوح بما يكره ما أمكن.
١٥ - من المداراة أن تعرض بالشيء وأنت تريد غيره والتعريض بالنصيحة مطلوب شرعاً أحياناً.
١٦ - من المدارة استعمال المعاريض وهي ألفاظ ذات وجهين أحدهما غير حقيقي وهو ما يسبق إلى فهم المخاطب وثانيها حقيقة وهو ما يقصده المتكلم ومراد المتكلم باللفظ أن يوري على السامع لموجب شرعي بشرط ألا تفوت حقاً أو تثبت باطلاً.
١٧ - من المداراة أن يوجه الداعي أو الناصح الإنكار إلى نفسه وهو يعني السامع.
١٨ - حقيقة المداهنة هي إظهار الرضا بما يصدر من الظالم أو الفاسق من قول باطل أو عمل مكروه