بأخذها من بيت والدها ولو دون وليمة نكاح , ولا قسم ولا عدل في محبة القلب فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ويقول:"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". رواه أحمد وغيره , وقال تعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً) , ولا يجب على الزوج العدل في الوطء. ويجب عليه المبيت ليلاً عند من لها النوبة، وأما المكث في البيت فيعدل فيه ما لم تدع إلى غير ذلك حاجة له أو ضرورة لضرتها، واعلم أن اليوم تابع لليلة الزوجة التي تبيت فيها عندها فما ينبغي أن تذهب إلى ضرتها في يومها إلا لحاجة أو ضرورة مثل تفقد حالها أو حال أولادها كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل. ويقتصر في ذلك كله على قدر الحاجة أو الضرورة. وعليه أن يقسم قضاء حاجاته خارج المنزل أو داخله بما يحقق العدل؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ ما لم يقع بسبب ذلك في حرج ومشقة فيعدل في المستطاع، ويسقط عنه ما سوى ذلك للحرج. وله الدخول على إحداهن في زمن الأخرى للحاجة، ولو قبَّل أو ضم أثناء ذلك فلا حرج؛ لأنه تبع لدخوله لحاجته، وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم؛ فعن عائشة قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً امرأة امرأة، فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يفضي إلى التي هو يومها فيبيت عندها). رواه أحمد وأبو داود. أما السفر بإحدى الزوجات فالقول فيه أن أهل العلم قد اتفقوا على أنه لا يجب عليه أن يسافر بأي منهن، فله أن يسافر وحده، كما يجوز له أن يسافر بهن جميعاً، واختلفوا في السفر بواحدة منهن فقط، هل يجب أن يكون على سبيل القرعة بينهن، فيسافر بمن خرجت قرعتها؟ أو يجوز له أن يختار أيتهن شاء فيسافر بها، وتُطلب منه القرعة على سبيل الاستحباب فقط، لتطييب خاطر الجميع؟ والقول الأول أرجح، وعليه أكثر أهل العلم , وعلى هذا فإذا سافر لحاجته وأراد أخذ إحداهن معه وجب عليه أن يُقرع بينهن، وإذا أقرع لم يجب عليه القضاء، وأما إن خرج بإحدى الزوجات من غير قرعة استناداً إلى مذهب من يرى استحباب القرعة لا وجوبها فإن عليه أن يقضي للباقيات إذا رجع, وإن كان لدى الأخرى ما يعوقها عن السفر كتعليم أولاد؛ فلا يُقرع ويقضي للمقيمة. وإذا سافر بإحداهن لحاجتها هي في أمر دين أو دنيا وجب عليه أن يقضي للمقيمة , وإذا طال السفر لم يجب عليه أن يقضي للمقيمة دفعة واحدة بل ينجمه بما يدفع الضرر عمن سافرت معه, وليس له أن يجمع بينهن في سفر نزهة إلا برضاهن؛ فإذا سافر لهذا الغرض مدة وجب عليه أن يعطي الأخرى مثلها؛ ولو في عام قادم, ويقسم للمريضة كالصحيحة , وإذا سافرت الزوجة برضاها إلى أقاربها أو غيرهم بإذن زوجها فليس لها أن تطلب قضاء ما فاتها من الليالي، لأنها أسقطت حقها باختيارها ويجب عليه أن يعدل في النفقة الواجبة أكلاً وشرباً وكسوة، وأولى الأمور: أن تكون نقدية؛ ليحصل التساوي، وإن تعذر هذا لبخل في الزوجة أو تبذير اشترى لكل واحدة برغبتها مثل ما اشترى للأخرى في الثمن, ولا يلزمه أن يجعل مسكن الضرات متساوياً في السعة والمرافق، وإنما يكون هذا بحسب احتياج كل بيت، أما نوع الأثاث وقيمته فيعدل فيه ما استطاع. وليس له في العطية المطلقة أن يهب إحداهن دون الأخرى وهذا من باب الورع كما بيَنا. وكل أمر معين وقع للزوج فيه حرج إذا أراد العدل فالحرج مرفوع, ولا عدل فيما يُدفع من المهر؛ لأنه يُتفق عليه قبل وجوب القسم، ولا يجب عليه أن يعطي أهلها مثل ما يعطي أهل الأخرى؛ ما لم يقصد إغاظتها بذلك, وعلى الزوجة في كل حال التذرع بالصبر، وأن تحرص في الوصول إلى مقاصدها المشروعة أن يكون ذلك بالحسنى، وبالتلميح لا التصريح، وأن تحذر من التقصي في سعيها إلى حقوقها، وأن تكون متسامحة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً فإن هذا أدعى إلى محبته والقرب من قلبه، وهذا كله لا يمنع من المطالبة