للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه. ومنه قول أسماء بن خارجة وقيل حاتم الطائي (١):

خُذِي العَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي ... ولَا تَنْطِقِي فِي سَوْرَتي حِينَ أغضبُ

ومنه قول حسان (رضي الله عنه) يمدح المهاجرين في شعره المشهور الذي فاخر به وفد تميم (٢):

خُذْ مِنْهُمُ مَا أَتَوْا عَفْوًا إذا غَضِبُوا ... ولا يكُنْ همُّكَ الأَمْرَ الَّذِي مَنَعُوا

وهذا معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الآخر (٣):

إِذَا مَا بُلْغَةٌ جَاءَتْكَ عَفْوًا ... فَخُذْهَا فالغِنَى مَرْعًى وَشرْبُ

فعلى هذا {خُذِ الْعَفْوَ} ما تسهَّل لك من أخلاق الناس ووجدت منهم طيبًا بلا كلفة فخذه، وما جاءك من غير ذلك فاصفح عنه وتجاوَزْهُ، كما قال: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.

وقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} العرب تطلق لفظة العُرف والمعروف والعارفة على كل خصلة جميلة تستحسنها العقول وتطمئن إليها النفوس (٤). معناه: وأمر بكل معروف جميل تطمئن إليه النفوس. وهذا معنى قوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} وهذا المعنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الحطيئة (٥):


(١) البيت في تاريخ دمشق (٩/ ٥٧، ٥٨)، شواهد الكشاف ص٩، مع عزوه لأسماء بن خارجة. وذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار (٣/ ١١)، (٤/ ٧٧)، وعزاه لأبي الأسود الدؤلي، وذكره ابن القيم في روضة المحبين ص٧١، والشيخ (رحمه الله) في الأضواء (١/ ٤٦).
(٢) ديوان حسان ص١٥٣.
(٣) البيت لأبي الحسن البصروي، وهو في تاريخ بغداد (٣/ ٢٣٦)، البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٤٤٨).
(٤) انظر: القرطبي (٧/ ٣٤٦).
(٥) البيت في قواعد الشعر لثعلب ص٧٠، عيار الشعر ص١٨٢، القرطبي (٧/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>