للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معروف وقد أجاب العلماء عنه بجوابين (١):

أحدهما: ما ذكره أبو عبيدة وعزاه القرطبي لجمهور العلماء أن آية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لله وَالرَّسُولِ} [الأنفال: الآية ١] منسوخة بآية {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شيء فَأَنَّ لله خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: الآية ٤١].

القول الثاني -وليس ببعيد-: أن معنى أنها لله: أنه هو المتصرف فيها، وأن نسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم من حيث أنه القاسم، الذي يقسمها على ما يرضي الله (جل وعلا)، فلا ينافي أن لهم حقوقًا فيها، كما قسمها صلى الله عليه وسلم عليهمِ بالسواء، وسيأتي لهذا زيادة إيضاح كثيرة في تفسير قوله: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شيء فَأَنَّ لله خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: الآية ٤١] إن شاء الله، وهذا معنى قوله: {قُلِ الأَنفَالُ لله وَالرَّسُولِ}.

{فَاتَّقُواْ اللَّهَ} أي: اتقوا الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، ولا تتخاصموا هذا الخصام بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرض من الدنيا.

{فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} معنى: {ذَاتَ بِيْنِكُمْ} أي: الأحوال الكائنة فيما بينكم مما يستوجب المحبة والوئام، وما يستوجب النُفرة والوحشة والفراق، هذه الأحوال التي تكون فيما بينكم أصلحوها لتكون جارية على ما ينبغي وعلى ما يرضي الله، وقد اشتهر في كلام العرب إطلاق (إصلاح ذات البين) على أن يصلح ما بين هذا وهذا من الأحوال حتى يكون الشيء الذي بينهما على الحالة التي تنبغي، خاليًا من النزاع والخصام والنفرة وغير ذلك.


(١) انظر: ابن جرير (١٣/ ٣٨٠)، القرطبي (٨/ ٢)، الأضواء (٢/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>