للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَطِيعُواْ اللَّهَ} طاعة الله (جل وعلا) هي: امتثال أمره واجتناب نهيه، ومن ذلك أن لا تختصموا في عَرَضٍ من الدنيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وسلم واقبلوا وارضوا بما يفعله بينكم من قَسْم هذه الغنائم.

قوله: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} هذه أصلها تُشكل على بعض أهل العلم؛ لأن المعروف في كلام العرب أنَّ (إنْ) الشرطية تدل على الشك في الشرط، وهم مؤمنون لا شك في إيمانهم، فكيف يتقيّد إيمانهم بالشرط مع أنهم مؤمنون؟!

(إنْ) هذه أصلها من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين (١)، فعلماء الكوفيين يقولون: إنَّ (إنْ) هنا بمعنى (إذ) التعليلية {واتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مؤْمِنينَ} قالوا: واتقوا الله إذ كنتم مؤمنين، أي: لأجل كونكم مؤمنين فاتقوا الله؛ لأن إيمانكم سبب يحملكم على تقوى الله، قالوا: وإتيان (إنْ) بمعنى (إذ) أسلوب عربي معروف، قالوا: ومنه قول الفرزدق وهو عربي فصيح (٢):

أَتَغْضَبُ إِنْ أُذْنَا قُتَيبةَ حُزَّتَا ... جِهَارًا ولم تَغضَبْ لقَتْل ابنِ خَازِمِ

معناها: أتغضب لأجل حزّ أذني قتيبة.

والبصريون يقولون: إنَّ (إنْ) هذه تستعمل استعمالين:

أحدهما: يراد به التهييج والحض على الفعل، وأن ذلك أسلوب عربي معروف، كما تقول للرجل الكريم: (إن كنت


(١) انظر: الحروف العاملة في القرآن الكريم ٦٣٩، ٦٤٧، ٧٠٤ - ٧١١، وراجع ما سبق عند تفسير الآية (١١٨) من سورة الأنعام.
(٢) مضى عند تفسير الآية (١١٨) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>