للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم (١). فبعد أن ذهب رسول الله وأبو بكر جاء أبو سفيان أمام عِيره يتجسّس الخبر، فقصّ عليه الغفاري قصة ما جرى له مع النبي صلى الله عليه وسلم (٢)،

فقال: هل أناخ بعيره؟ قال: نعم، فأراه الموضع الذي أناخ فيه رسول الله، فجاء فوجد بعر البعير ففتته فإذا فيه النوى، قال: هذه والله علائف يثرب؛ لأنهم يعلفون مواشيهم النوى، وآجر في ذلك الوقت ضمضم بن عمرو الغفاري يقرن بين مشي الليل والنهار لينذر قريشًا أن عِيرَهُم تعرضها محمد صلى الله عليه وسلم، وذهب هو بالعِير وسَاحَل بها إلى جهة ساحل البحر، وأبعد بها عن بدر، ولم يلبث الغفاري أن جاء قريشًا فاستنفروا بسرعة وجاءوا، فلما جاءوا علم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجيش أتى، وأن العِير سلمت، وكان الصحابة يكرهون هذا، وكان الله -جل وعلا- وعد نبيه بأنه يعطيه إحدى الطائفتين إما العير وإما النفير، وكان أصحابه (رضي الله عنهم) يرغبون في أن يكون الوعد بالعِير لا بالنفير كما سيأتي في قوله: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: الآية ٧] فلما علموا أنه النفير وعلم صلى الله عليه وسلم بجيش قريش أنه أقبل يريده، وقص خبره على أصحابه، كره جماعة منهم ملاقاته غاية الكراهة، حتى قال تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ


(١) ابن هشام ص٦٥٤، والبداية والنهاية (٣/ ٢٦٤).
(٢) المعروف أن بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء أتيا بدرًا فأناخا إلى تل قريب من الماء، وكان مجدي بن عمرو الجهني على الماء ... ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وأقبل أبو سفيان حتى ورد الماء، فقال لمجدي: هل أحسست أحدًا؟ فقال: ما رأيت أحدًا أُنكره إلا أنني قد رأيت راكبَيْنِ قد أناخَا إلى هذا التل ... إلخ. كما في سيرة ابن هشام ص٦٥٥ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>