للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإعراب الوجهان الجائزان في (براءة) (١) يجوز أن يكون (أذان) خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا أذان من الله. ويجوز أن يكون (أذان) مبتدأ سوغ الابتداء فيه بالنكرة كونها وُصفت بقوله: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}.

والأذان معناه: الإعلام، وهو اسم مصدر (أذَّن) (يؤذّن) (أذاناً)، (وآذن) (يوذن) (أذاناً) والعَرَب ربما جعلت (الفَعَال) قائماً مقام «التفعيل»؛ لأن العرب تقول: آذنته أعلمته، وأذنت أعلمت. ومعروف في علم التصريف أن (فعّل) بالتضعيف ينقاس مصدرها على (التفعيل)، ولكنه يُسمع كثيراً إتيان المصدر منها على (الفَعَال) كما قالوا: سلَّّم عليه سلاماً، أي: تسليماً. وكلّّمه كلاماً، أي: تكليماً. وطلَّقها طلاقاً، وبيَّنَهُ بياناً. إلى غير ذلك من الأوزان. وكذلك ربما جاء (الفعَال) في موضع (الإفعال) كقول العرب: آمنته أؤمِنه إيماناً: إذا جعلته في أمان. فإنهم يقولون: آمنه أماناً، وآذنه أذاناً، أي: أعْلَمَهُ إِعْلَاماً. والأذان في لغة العرب: الإعلام. قال بعض العلماء: هو الإعلام المقترن بنداء؛ لأن اشتقاقه من الأذن، لأن النداء يقع في الآذان فيحصل بذلك الفهم والإعلام، ومنه الأذان للصلاة؛ لأنه إعلام بها بنداء. وكون الأذان بمعنى الإعلام معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الحارث بن حِلّزة (٢):

آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ

يعني أَعْلَمَتْنَا بِبَيْنِهَا.


(١) انظر: الدر المصون (٦/ ٦).
(٢) مضى عند تفسير الآية (١٢٨) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>