للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأذان صرح الله بأنه يوم الحج أكبر. فالتحقيق هو ما قاله الجمهور لا ما قاله الزهري (رحمه الله)، إن صح عنه فهو غلط منه. وهذا معنى قوله: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} عامة {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} هذا الإعلام هو إعلام بأن الله بريء من المشركين، ورسوله بريء منهم أيضاً، فالله بريء من المشركين بريء من ذمتهم وعهدهم، لا عهد لهم عليه يأمر به، ولم يلتزم لهم بشيء، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال لهم: {فَإِن تُبْتُمْ} عن ذنوبكم وكفركم وشرككم {فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} وصيغة التفضيل هنا ليست على بابها؛ لأن الكفر بالله لا خير فيه أصلاً، فلا معنى للتفضيل فيه {فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ} أي: ثَبَتُّمْ على كفركم وما أنتم عليه من الشرك.

{فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} فسرناه الآن.

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} اعلم أن التحقيق أن (البشارة) في لغة العرب هي الإخبار بما يسر، والإخبار بما يسوء أيضاً. فمن أخبرته بما يسره فقد بشرته، ومن أخبرته بما يسوؤه فقد بشرته (١)؛ ولذا قال: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: آية ٢١] والقرآن في غاية الفصاحة والإعجاز، وإطلاق البشارة على الإخبار بما يسر معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر (٢):

أَبَشَّرْتَنِي يَا سَعْدُ أَنَّ أَحِبَّتِي ... جَفَوْنِي وَقَالوا الْودُّ مَوْعِدُهُ الحَشْرُ


(١) مضى عند تفسير الآية (٤٨) من سورة الأنعام.
(٢) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>