للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى إذا سَلَخا جُمَادى ستَّةً ... جُزْءاً فطَالَ صِيَامُهُ وصِيَامُهَا

والأَشْهُر: جمع شهر. و «الأفْعُل» جمع قِلّة؛ لأنها أرْبَعَةٌ.

والحُرُم: جَمْع حرام، وهو الصفة المشبهة من حَرُمَ الشيء فهو حَرَام.

وإنما قيل للواحد منها «حرام» لأَنَّ اللهَ حَرَّمَ فيه القتال (١)، وهذا معنى قوله: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} على القَوْلَيْنِ المذْكُورَيْنِ {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} الذين يشركون بالله (جلّ وعلا)، اقتلوهم كلهم {حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} (حيث): كلمة تدل على المكان، كما تدل (حين) على الزمان، وربما ضُمِّنَتْ مَعْنَى الشَّرْطِ، ويجوز فيها لغةً لا قراءة إبدال يائها واواً وتثليث ثائها (٢).

ومعنى {حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ}: في أي مكان من أمكنة الأرض وجدتموهم فاقتلوهم. وقال بعض العلماء: هذا ما لم يكونوا في الحرم (٣). وقال: عموم هذه الآية يخصصه عموم قوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} [البقرة: آية ١٩١]. وعلى هذا القول يكون القتال لا يجوز في الحرم إلا إذا بدؤوا بالقتال. بهذا قال جماعة من العلماء، وقال جماهير من أهل العلم: إنهم يُقْتَلُون في كل مكان، كما دَلَّ عليه عموم (حيث) هنا، وإن كانوا في الحَرَم. قالوا: أمَّا آيَة: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: آية ١٩١] فإنها


(١) انظر: ابن جرير (١٤/ ١٣٦)، القرطبي (٨/ ٧٢).
(٢) مضى عند تفسير الآية (٥٨) من سورة البقرة.
(٣) انظر: القرطبي (٢/ ٣٥١، ٨/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>