للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقتل عقبة بن أبي معيط يوم بدرٍ أسيراً (١)، وقد دلت القصة التي ذكرناها في غزاة بدر في سورة الأنفال على أنَّ قَتْلَهُ للنَّضْرِ بن الحارث لم يكن عن وَحْي (٢)، ولذا لما جاءه شعر أخته -أو ابنته- قُتيلة بنت الحارث -أو قُتيلة بنت النضر بن الحارث- لما أرسلت شعرها المشهور إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي أبكاه حتى أخضل الدمع لحيته، وقال فيه: «لو بَلَغَنِي شِعْرُهَا قَبْلَ أَنْ أَقْتُلَهُ لَعَفَوْتُ عَنْهُ» (٣) فدلَّ على أنَّه لم يقتله بوحي من الله. وشعرها مشهورٌ قَدَّمْنَاه برمته في سورة الأنفال (٤)، تقول فيه:

يَا راكبًا إنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبحِ خَامِسَةٍ وأَنْتَ موفَّقُ

أَبْلِغْ بها مَيْتًا بأنَّ تَحِيَّةً ... مَا إِنْ تَزَالُ بها النَّجَائِبُ تَخْفِقُ

مني إليكَ وعبرةً مسفُوحةً ... جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وأُخْرى تخنُقُ

هل يسمعنَّ النضرُ إن ناديتُه ... أم كيف يسمعُ ميتٌ لا ينطقُ

أمحمدٌ يا خيرَ ضَيْءِ كريمة ... في قومِهَا والفَحْلُ فحلٌ مُعْرِقُ

ما كان ضَرَّكَ لو مَنَنْتَ ورُبَّما ... مَنَّ الفَتى وهو المغيظُ المُحْنَقُ

فالنَّضْرُ أقربُ مَنْ أَسَرْتَ قرابةً ... وأحقُّهم إن كانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ

ظَلَّتْ سيوفُ بني أبيهِ تَنُوشُه ... للهِ أرحامٌ هُنَاكَ تُشَقَّقُ

صَبْرًا يُقادُ إلى المنيةِ مُتْعَبًا ... رَسْفُ المُقَيَّدِ وهو عان مُوثَقُ

فهذا يدل على أنَّ الأمر في ذلك إلى الإمام، إن رأى المصلحة


(١) السابق.
(٢) السابق.
(٣) السابق.
(٤) السابق. وقد سقط بعد البيت الخامس بيت من القصيدة، وهو قولها:
أوكنتَ قابلَ فديةٍ فَلَيُنْفِقَنْ ... بِأَعَزَّ مَا يَغْلُو بِهِ مَا يُنْفَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>