للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمسلمين القَتْل قَتَل، وإن رأى أنها الفِدَاء فَدَى، وإِنْ رَأَى أنَّهَا المَنُّ مَنَّ، وهذا هو التحقيق -إن شاء الله- وأنَّ الآياتِ كلها محكمة لم ينسخ بعضها بعضاً، والنبي صلى الله عليه وسلم قد فعل كل ذلك، أطلق أبا عزةَ في غزاة بدر لما قال له: إنَّه ذو بَنات. ولما أمسكه بحمراء الأسد من صبيحة أُحد بعد أن اشترط عليه ألَاّ يعين عليه المشركين وقال له: يا محمد، عفوك مرةً أخرى. فقال له: لا والله، لا تحك عارضيك بين نساء مكة وتقول: غررت محمداً مرتين!! فقتله (صلوات الله وسلامه عليه) (١). وهذا معنى قوله: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ} [التوبة: آية ٥] بالأسر {وَاحْصُرُوهُمْ} معناه: ضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ واحْصُروهُمْ في مَعَاقِلِهِمْ حتى لا يستطيعوا أن يخرجوا وينتشروا في الأرض، فضلاً عن أن يصلوا إليكم، فالمراد بالحصر هنا: حصرهم في أماكنهم وفي معاقلهم، والتضييق عليهم ومنعهم من الانتشار في الأرض. هذا معنى قوله: {وَاحْصُرُوهُمْ}.

{وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}: المراد بالمرصد هنا: اسم مكان، وقد تقرر في فن التصريف: أن جميع المصادر الميمية، وأسماء الأمكنة، وأسماء الأزمنة إذا لم تكن يعني: من واوي الفاء كانت كلها على (مَفْعَل)، إلا اسمُ الزمان والمكان خاصة إذا كان من (فَعَلَ) بالفتح (يَفْعِلُ) بالكسر (٢). والمرصد هنا القياس فيه:


(١) أخرجه البيهقي في السنن (٦/ ٣٢٠)، (٩/ ٦٥)، وأورده الشافعي في الأم (٤/ ٢٣٨)، وابن سعد في الطبقات (٢/ ٣٠)، والطبري في تاريخه (٣/ ١٠)، وابن هشام في سياقه لغزوة أُحد.
(٢) انظر: التوضيح والتكميل (٢/ ٨٣ - ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>