الشفاء لكان دواء لكل داء، ولكن قال فيه شفاء للناس، أي يصلح لكل أحدٍ من أدواءٍ باردة؛ فإنه حارٌ، والشيء يُداوى بضده ... والدليل على أن المراد بقوله تعالى:{فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} هو العسل، ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أخي استطلق بطنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اسقه عسلاً)) فسقاه، ثم جاءه فقال: إني سقيتُهُ فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال له ثلاث مرات، ثم جاءه الرابعة فقال:((اسقه عسلاً))،فقال: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صدق الله وكذب بطن أخيك)) فسقاه فَبَرأَ (١).
قال بعض العلماء بالطب: كان هذا الرجل عنده فضلات، فلما سقاه عسلاً وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالاً فاعتقد الأعرابي أن هذا يضره وهو
(١) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الدواء بالعسل، برقم ٥٦٨٤، ومسلم في كتاب السلام، باب التداوي بسقي العسل، برقم ٢٢١٧.