يكون إلا غنياً، فإنّ غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا محسناً، جواداً، براً، رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني عنه في حال من أحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه، ومن سعة غناه أن خزائن السموات والأرض والرحمة بيده، وأن جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، وأن يده سحَّاء اللَّيل والنَّهار، وخيره على الخلق مدرار.
ومن كمال غناه وكرمه أنّه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم وإسعافهم بجميع مراداتهم، ويؤتيهم من فضله ما سألوه وما لم يسألوه، ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وآخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله وما بلغت أمانيه ما نقص من ملكه مثقال ذرّة.
ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النعيم واللَّذَّات المتتابعات، والخيرات