ما يهدي ويرشد إليه، كانت أحوالهم في غاية الاستقامة والصلاح، ولمّا انحرفوا عنه وتركوا كثيراً من هُداه، ولم يسترشدوا بتعاليمه العالية، انحرفت دنياهم كما انحرف دينهم.
وكذلك انظر إلى الأمم الأخرى التي بلغت في القوة، والحضارة، والمدنيّة مبلغاً هائلاً، ولكن لمّا كانت خالية من روح الدين ورحمته وعدله، كان ضررها أعظم من نفعها، وشرها أكبر من خيرها، وعجز علماؤها وحكماؤها وساستها عن تلافي الشرور الناشئة عنها، ولن يقدروا على ذلك ما داموا على حالهم؛ ولهذا كان من حكمته تعالى أنّ ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من الدين والقرآن أكبر البراهين على صدقه وصدق ما جاء به؛ لكونه محكماً كاملاً لا يحصل إلا به.
وبالجملة فالحكيم متعلقاته المخلوقات والشرائع، وكلها في غاية الإحكام، فهو الحكيم في أحكامه القدرية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية، والفرق بين