للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: مناقشة الآراء السابقة وتقرير الحق بالدليل]

[المبحث الأول: مناقشة الخوارج]

١ - الرّدّ على الخوارج: وقد ردّ النّسفي بردود يستمدّها من نصّ الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوحاً} (١)، فالتوبة النصوح لا تكون إلا من الكبيرة، كما يستمدّ حججاً أخرى من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أما تفسير الحديث: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)) (٢)، فقال النووي رحمه الله: ((القول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله، ومختاره كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة)) (٣).

ومن أخطاء الخوارج عدم التفرقة بين الكبائر والصغائر من الأفعال بينما فرق الله تعالى بقوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} (٠ (٤). فالخوارج إذن، إن حاولوا حجة في تكفير الأمة لم يجدوا، وإن جعلوا الذنوب كلها كبائر، لم يجدوا إلى


(١) سورة التحريم، الآية: ٨.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب النهبى بغير إذن صاحبه، برقم ٢٤٧٥،ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، برقم ٥٧.
(٣) شرح مسلم للنووي، ١/ ٤١.
(٤) سورة النساء، الآية: ٣١.

<<  <   >  >>