للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: الرّدّ على المرجئة

الذين يقولون: لا يضرّ مع الإيمان معصية، ولا ينفع مع الكفر طاعة. يُقال لهم: إن في أهل القبلة المنافقين الذين فيهم من هو أكفر من اليهود والنصارى بالكتاب، والسنة، والإجماع، وفيهم من قد يظهر بعض ذلك حيث يمكنهم، وهم يتظاهرون بالشهادتين، فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة، أو المحرّمات الظاهرة، المتواترة، ونحو ذلك فإنه يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل كافراً مرتدّاً (١).

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله (٢): ((إن البخاري أورد الحديث الآتي، وأراد به الرّدّ على المرجئة لِمَا فيه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان، وعلى المعتزلة في قولهم: ((إن المعاصي موجبة للخلود في النار))، فلا يلزم من إطلاق دخول النار التخليد فيها (٣)، والحديث هو: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تبارك وتعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردلٍ من إيمان، فيُخرجون منها قد اسودّوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة - شكّ مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية)) (٤).

وقال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي


(١) شرح العقيدة الطحاوية، ص٣٥٥.
(٢) الفتح، ١/ ٧٢.
(٣) موقف المعتزلة من السنة النبوية ومواطن انحرافهم عنها، ص١٤٨.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال، برقم ٢٢، ومسلم في كتاب الإيمان، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار، برقم ١٨٤.

<<  <   >  >>