للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم -، قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال اللَّه الذي عندك، فالتفت إليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فضحك، ثم أمر له بعطاء (١).

وهذا من روائع حلمه - صلى الله عليه وسلم - وكماله، وحسن خلقه، وصفحه الجميل، وصبره على الأذى في النفس، والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألفه على الإسلام؛ وليتأسى به الدعاة إلى اللَّه، والولاة بعده في حلمه، وخلقه الجميل من الصفح، والإغضاء، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن (٢).

٤ - وعن جابر بن عبد اللَّه - رضي الله عنه - أنه غزا مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد، فلما قفل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قفل معه، فأدركتهم القائلة في وادٍ كثير العضاه، فنزل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة، عُلق بها سيفه، ونمنا نومةً، فإذا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: ((إن

هذا اخترط عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتاً (٣)، فقال: من يمنعنك مني؟ فقلت: اللَّه (ثلاثاً)، ولم يعاقبه وجلس)) (٤).


(١) البخاري مع الفتح، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، ٦/ ٢٥١، (رقم ٣١٤٩)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة، ٢/ ٧٣٠، (رقم ١٠٥٧).
(٢) انظر: فتح الباري، ١٠/ ٥٠٦، وشرح النووي على مسلم، ٧/ ١٤٦، ١٤٧.
(٣) والسيف صلتاً: أي مسلولاً. انظر: شرح النووي، ١٥/ ٤٥.
(٤) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، ٦/ ٩٦، (رقم ٢٩١٠)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، ١/ ٥٧٦، (رقم ٨٤٣).

<<  <   >  >>