للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الحلم مبلغاً عظيماً حتى وصفه اللَّه بقوله: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} (١)، فقد كان إبراهيم كثير الدعاء، حليماً عمن ظلمه، وأناله مكروهاً، ولهذا استغفر لأبيه مع شدة أذاه له في قوله: {أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا} (٢).

فحلم عنه مع أذاه له، ودعا له، واستغفر (٣)؛ ولهذا قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} (٤).

وهكذا جميع الأنبياء والمرسلين، كانوا من أعظم الناس حلماً

مع أقوامهم في دعوتهم إلى اللَّه تعالى (٥).

ومن وراء الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، يأتي الدعاة إلى اللَّه والصالحون من أتباعهم، وإذا كان اللَّه - عز وجل - قد جعل محمداً - صلى الله عليه وسلم - مثلاً


(١) سورة التوبة، الآية: ١١٤.
(٢) سورة مريم، الآيات: ٤٦ - ٤٨.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير، ٢/ ٣٩٦، وتفسير البغوي، ٢/ ٣٣٧، والأخلاق الإسلامية للميداني، ٢/ ٣٣٢.
(٤) سورة التوبة: الآية: ١١٤.
(٥) انظر: تفسير ابن كثير، ٢/ ١١٤، وموسوعة أخلاق القرآن للشرباصي، ١/ ١٨٥.

<<  <   >  >>